الرقابة الوقائية – Rest defence – الجزء 2

الكاتب : لؤي ممدوح

الدفاع الموجه رجل لرجل

في المقال الافتتاحي لهذه السلسلة ( تجده هنا )، تم الحديث بشكل عام عن مفهوم الرقابة الوقائية، بداية من شرح المصطلح لغويا ومرورا بتفسير الهدف من تطبيقه واقعيا، ثم انتهاءً بتوضيح بعض المبادئ والتقنيات المستخدمة في تطبيقه بشكل عام.

واستكمالا لما سبق، فسيتم تناول العديد من نُهُج الرقابة الوقائية على مدار أكثر من مقال لإشباع شغف المهتمين بمعرفة المزيد عن هذا المفهوم الهام من مفاهيم كرة القدم المعاصرة؛ بحيث يسهل على المتابع لهذه السلسلة الإلمام بمختلف تشكيلات الدفاع الوقائي والغرض الرئيسي لكل منها، بالإضافة لفهم أهم مميزاتها وأبرز نقاط الضعف التي تتسبب بها وكيفية استغلال المنافس لها.

فسيتناول هذا المقال بالتفصيل تشكيلات الرقابة الوقائية التي يتم فيها الإعتماد بشكل رئيسي على مرجعية المنافس كأولوية على مرجعية المساحة، وذلك بتفضيل النهج الصرف لرقابة رجل لرجل.

يتضح من المسمى الخاص لهذا النهج أن الفريق القائم بتطبيق مفهوم الدفاع الوقائي يعتمد على عدد لاعبين مساو لعدد لاعبي المنافس المقابل لهم، فقد يتواجد لاعب واحد أو اثنين أو يزيد، ولكن التطبيق الواقعي لهذا النهج يعتمد غالبا على لاعبين أو ثلاثة، فالنقصان أو الزيادة عادة ما تؤثر بشكل سلبي على قدرة الفريق المنافس على الإنتشار الفعال بدون الكرة أو عند بداية التحولات الهجومية على حد سواء.

رسم (2+0)

* من أهم مميزات هذا الرسم هي مساعدة الفريق المطبق له على زيادة فاعليته أثناء حيازة الكرة في منتصف ملعب خصمه الدفاعي، كونه يهاجم بثمانية لاعبين ضد عدد مكافئ لهم من مدافعي المنافس، وهو ما قد يكسب الفريق الحائز للكرة أيضا القدرة على تطبيق مبدأ التحميل الزائد على أحدى جهتي الملعب، كما يعزز من أهمية الضغط العكسي وقدرة الفريق على تطبيقه عند فقدان الكرة بالقرب من مناطق التحميل الزائد.

أما عن نقاط ضعف هذا النهج فيمكن تلخيصها فيما يلي:

* ظهور فراغ مساحي كبير بين خطوط الضغط العكسي – عند فشل تطبيقه – بالقرب من منطقة فقدان الكرة وبين خط – أو خطوط – الرقابة الوقائية.

* إعطاء الأولوية لرد الفعل وليس الإستباق عند فقدان الكرة بما أن الأولوية لمرجعية المنافس وليس المساحة.

أما عن بعض الأفكار المستخدمة لاستغلال نقاط ضعف هذا الرسم فتتمثل في تحرك أحد مهاجمي الفريق المنافس (رقم 9) باتجاه أطراف الملعب مما يسهل اختراق المناطق المركزية من لاعب المنافس الحامل للكرة أثناء التحول الهجومي (رقم 8)

وعلى الرغم من أن هذا الرسم – أو نهج رجل لرجل بشكل عام – يمكن الفريق من تطبيق الرقابة اللصيقة ضد مهاجمي الخصوم من خلال التدخل لإعتراض التمريرات الموجهة إليهم أو محاولة استرجاع الكرة منهم في مواقف 1 ضد 1 (المدافع رقم 3 يعترض التمريرة الموجهة من لاعب المنافس رقم 7 إلى لاعب المنافس رقم 9)، ولكن نفس المساحات المركزية قد تتعرض للإختراق والتهديد عند استخدام تحركات الرجل الثالث على سبيل المثال (تمريرة لاعب المنافس رقم 7 إلى لاعب المنافس رقم 10 ومنه إلى اللاعب رقم 8 القائم بدور الرجل الثالث بعد تغلبه على رقابة لاعب الفريق رقم 6)

رسم (2+1)

رغم استمرار اعتماد مرجعية الخصم كأولوية في هذا الرسم، إلا أنه يمنح الفريق الذي يقوم بتطبيقه بعض المميزات؛ فهذا الفريق الآن أصبح قادرا – ولو بشكل جزئي – على شغل وتغطية المساحة المركزية التي كانت تشكل التهديد الأكبر لرسم (2+0)، ذلك بفضل تواجد خط ثان للدفاع الوقائي حتى لو كان مكونا من لاعب واحد فقط مهمته الرئيسية أيضا هي مراقبة لاعب متقدم من الفريق المنافس (اللاعب رقم 6 ضد المنافس رقم 8)

ومن ناحية أخرى فإن رسم (2+1) يمنح بشكل جزئي أيضا الفريق الذي ينتهجه متنفسا للضغط على حامل الكرة حتى وإن أدى ذلك إلى الإستغناء عن الرقابة اللصيقة لأحد مهاجمي الخصم من قبل أحد مدافعي الفريق، ومن المؤكد أن اللجوء إلى هذه الحالة لا يتم إلا عند الضرورة القصوى واقتراب المنافس من التهديد الحقيقي لمرمى الفريق، حيث يعتمد المدافعون وقتها على مفهوم التراجع وتأجيل المواجهات الثنائية لحين ارتداد الزملاء المتقدمين – وبالأخص الأظهرة – أو عند تقدم لاعب الفريق المنافس الحامل للكرة إلى حدود الصندوق.

فمثلا عند اضطرار المدافع (رقم 3) إلى التخلي عن الرقابة اللصيفة لمهاجم الفريق المنافس (رقم 9) والتقدم للضغط على اللاعب حامل الكرة (رقم 6)، فيقوم كلا اللاعبين (رقم 6 ورقم 4) بالتراجع للخلف والترحيل تدريجيا لتغطية المناطق المركزية التي تمثل التهديد الأكبر ضد مرماهم مع محاولة الحفاظ على وضعية جسدية مناسبة لتغيير الإتجاه مع إبقاء لاعبي المنافس (رقم 8 ورقم 10) في مجال رقابتهما، مع محاولة تعطيل تقدم لاعبي الفريق المنافس وتأجيل المواجهة لحين ارتداد الظهيرين (رقم 2 و 5)

وبالحديث عن نقاط ضعف هذا الرسم، فهي تتمثل في استمرار إعطاء الأولوية لرد الفعل وليس الإستباق كالرسم السابق كما تقل أيضا قدرة الفريق على تطبيق الضغط العكسي في مناطق فقدان الكرة نظرا لتواجد لاعب إضافي ضمن الخطوط الخلفية للفريق.

الضغط العكسي

وبالانتقال للحديث عن الضغط العكسي عند تطبيق نهج الرقابة الوقائية الموجهة رجل لرجل – بغض النظر عن الرسم – وبتواجد عدد كبير نسبيا من لاعبي الفريق بتمركز أقرب إلى مرمى المنافس، فقد يتجه بعض المدربين إلى زيادة عدد لاعبيه المتواجدين داخل صندوق المنافس، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع نظراءهم من مدافعي الخصم تحقيقا لمبدأ التكافؤ أو الزيادة العددية في المساحات القريبة لمرماهم، وهو ما يقلل من فاعلية التحولات الهجومية عند فقدان الكرة نتيجة لنقص عدد اللاعبين القادرين على بدء مرحلة التحول بحمل الكرة والتقدم بها باتجاه تشكيل الدفاع الوقائي للفريق؛ وعلى العكس يفضل البعض الآخر من المدربين إبقاء عدد أكبر من لاعبي الفريق على حدود صندوق الخصم – بالمقارنة بالحالة السابقة – وذلك دعما لتطبيق الضغط العكسي بشكل أكثر حدة عند فقدان الكرة.

مراحل حيازة الكرة

يؤدي اتباع نهج الرقابة الوقائية الموجه رجل لرجل إلى قصور ملحوظ في مراحل حيازة الكرة – على الرغم من تمركز عدد كبير نسبيا من لاعبي الفريق بشكل أقرب لمرمى الخصم – ، فبدون التقليل من الأثر الإيجابي للقدرة على تطبيق مبدأ التحميل الزائد، – كما تم التوضيح مسبقا في هذا المقال – فإن قدرة وكفاءة الفريق نفسه أثناء محاولة تغيير جهة اللعب وتفعيل مبدأ العزل على الجهة المقابلة لخلق موقف 1 ضد 1 غالبا ما تقل بشكل ملحوظ، أو تستغرق وقتا أطول من المطلوب في أفضل الأحوال بسبب غياب اللاعب الحر في المناطق المركزية من الملعب، وهو ما يتضح من خلال الشكل المبين أدناه.

الخلاصة أن اختلاف نُهُج الدفاع الوقائي وتشكيلاته المتعددة مثلما تمنح كل منها ميزة أو أكثر للفريق الذي يقوم بتطبيقها فهي تؤدي إلى كشف بعض نقاط الضعف التي يمكن للخصم استغلالها لتهديد مرمى الأول، غير أن الحاجة الملحة لتغطية أكبر قدر ممكن من المساحات المركزية والضغط على حامل الكرة ومنح الفريق أفضلية أثناء مراحل حيازة الكرة قد أدى إلى ظهور نهج أو مبدأ هجين للدفاع الوقائي، يعول على تحقيق الزيادة العددية للفريق بلاعب إضافي مع الاستمرار في تطبيق مرجعية المنافس نفسها…فترقبوا المقال القادم !!

المصادر:

spielverlagerung.com : Tactical theory: the various forms of rest-defence

Michael Loftman: Rest defence structures

Rest Defence: FIFA Training Centre

إنتهى .

Football Talk (2)

أخبارنا

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على معلومات التحديث والأخبار والرؤى.

Copyright FBTALK 2024 | Developed by OaCode Technology