باريس 3-0 ايسي ميلان

الكاتب : لؤي ممدوح

ضغط رجل لرجل…وجهين لعملة واحدة

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\00.png

قمة الجولة الثالثة لنسخة هذا الموسم من دوري أبطال أوروبا، وفي مجموعة تصنف كأقوى المجموعات الثمان، استطاع باريس سان جيرمان الإستفاقة من الخسارة الثقيلة التي مني بها أمام نيوكاسل يونايتد خلال الجولة السابقة بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، وذلك بإكرام وفادة ضيفه الميلان بثلاثية نظيفة.

وكعادة المقالات التحليلية، فالهدف هو تسليط الضوء على مراحل اللعب الرئيسية، والتي كان لها أكبر الأثر سواء في تحديد نتيجة المباراة أو في إبراز تفوق أحد طرفي المواجهة على الآخر على المستوى التكتيكي، وهو الأمر الأهم.

وهنا يجدر بنا الحديث بشكل تفصيلي عن مرحلتين متقابلتين من مراحل اللعب، ألا وهما مرحلتي بناء اللعب والضغط العالي لكل من الفريقين؛ حتى وإن لم يكن لها ذلك التأثير المباشر على نتيجة المباراة، ولكنها – رغم ذلك – قد ساهمت بشكل كبير في فتح المجال لما تلاها من مراحل تمكن فيها الفريق الفرنسي من التفوق على خصمه.

فرغم اتباع كل من لويس إنريكي وستيفانو بيولي لأسلوب الضغط الموجه رجل لرجل، ولكن أنماط بناء اللعب لأصحاب الأرض قد تميزت بالتنوع الواضح، وذلك لمحاولة التغلب على إيقاع الضغط العالي الحاد للمنافس الإيطالي، بالإضافة إلى السعي لكشف نقاط الضعف وأوجه القصور التي يتسبب بها ذلك النوع من الضغط.

وعلى العكس، فقد ظهر الضيوف بشكل يغلب عليه الإستسلام، ذلك بالإعتماد على نمط وحيد لبناء اللعب خلال أغلب فترات المباراة أمام أسلوب مماثل للضغط العالي، وذلك رغم ندرة معدلات الخطورة والتهديد التي أسفر عنها ذلك النمط من البناء على مرمى اصحاب الارض.

بناء اللعب ( باريس سان جيرمان)

اعتمد باريس سان جيرمان في هذه المرحلة على شكل أقرب إلى 4-2-4 حيث يقوم كل من ديمبلي وفيتينها المتقدم من خط الوسط بتوسيع الملعب على كلا الجهتين، بينما يتمركز كلا من كالو مواني وامبابي في العمق وذلك أمام ضغط رجل لرجل بشكل شبه صرف من الميلان، حيث يقوم كل من جيرو ولياو بالضغط على سكرينيار وماركينيوس على الترتيب، بينما يتولى بوليزيتش رقابة لوكاس هرنانديز مع تقدم يونس موسى للضغط على حكيمي على الجهة المقابلة، أما ثنائي الإرتكاز الباريسي أوجارتي وإيمري فيتولى رقابتهما كل من كرونتش ورايندرز.

ورغم الإعتماد على نفس الرسم التكتيكي في هذه المرحلة خلال أغلب فترات المباراة، ولكن لويس إنريكي قد قام باستخدام العديد من الأنماط، والبداية بمحاولة البناء من العمق إلى العمق، النمط الذي باءت أغلب حالات البناء من خلاله بالفشل، حيث تسبب ضغط كل من رايندرز وكرونيتش على لاعبي الإرتكاز البارسيين في فقدان الكرة في مناطق قريبة من مرمى أصحاب الأرض، الأمر الذي قابله لاعبو الميلان بقرارات تنقصها الدقة تسببت في عدم نجاحهم في ترجمة هذه المواقف الخطيرة الى أهداف أو فرص محققة للتسجيل.

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\01.png

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\02.png

النمط الثاني كان محاولة البناء من العمق إلى الأطراف ثم إلى العمق مرة أخرى، وقد كان هذا النمط ناجحا إلى حد كبير، فبتوجيه الكرة إلى الأطراف عن طريق دوناروما أو أحد قلبي الدفاع وبالأخص إلى جهة حكيمي، كان ذلك يعطي للظهير المغربي بعضا من الوقت والمساحة على الكرة بسبب تقدم يونس موسى المتأخر نسبيا للضغط عليه – كون الأخير أحد عناصر خط وسط الميلان –

ومع تمركز حكيمي بشكل متقدم نسبيا عن بقية عناصر خط دفاعه، فكان استلامه للكرة محفزا لتراجع أحد عناصر وسط ميدان الميلان وبالأخص رايندرز او كرونيتش للتغطية أمام خط دفاعه، وهو ما نتج عنه توفر أحد لاعبي ارتكاز باريس سان جيرمان حرا لاستلام الكرة وتوجيهها إلى الجهة العكسية.

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\03.png

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\04.png

هنا وبشكل مشابه، وبسبب تقدم ثلاثي خط وسط الميلان للضغط، فعند نزول كل من مبابي وفيتينها على الخط ونصف المساحة، أصبح من الصعب على كل من كالولو وتوموري مواصلة التقدم للضغط، فيضطر الأخير للتراجع تاركا فيتينها يستلم الكرة ويتقدم بها كلاعب متحرر من الضغط أو الرقابة.

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\05.png

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\06.png

كان للنمط السابق شكلا مماثلا إلى حد كبير عند الإتجاه للبناء من جهة حكيمي بشكل مباشر، إستفادة من كون الظهير المغربي يتقدم بشكل مستمر مع تجاوز مرحلة البناء على عكس لوكاس هيرنانديز على الجهة المقابلة، فنزول كل من ديمبليه وكولو مواني كان يقابل بتقدم ثيو هيرنانديز ومالك ثياو للضغط عليهما وهو ما يوفر المساحة لمركبات التمريرات القصيرة وتحركات الرجل الثالث بين عنصري الخط الامامي لباريس سان جيرمان مع ظهيرهما الأيمن الذي كان يحاول تخطي رقيبه يونس موسى عن طريق سباقات السرعة لاستلام الكرة في المساحة الخالية، وكانت هذه الفكرة ناجحة أحيانا ولكن عابها أحيانا اخرى سوء اللمسة الأولى لكل من ديمبلي أو مواني، وهو ما كان يتسبب في تعطيل هذه المحاولات.

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\08.png
E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\07.png

مع بداية الشوط الثاني وبعد خروج مالك ثياو الحاصل على بطاقة صفراء منذ بداية الشوط الأول ونزول كالابريا، كان من الواضح أن الميلان لم يكن ليستمر في مواقف تحرمه من التفوق العددي على مستوى الخط الخلفي، وقد استطاع لويس إنريكي استغلال ذلك الموقف لصالحه بعد أن قام بتغيير شكل بناء اللعب ليصبح أقرب إلى 4-3-3 او 4-1-2-3

فنلاحظ دائما نزول أوجارتي كلاعب ارتكاز وحيد أمام عناصر خط الدفاع مع تمركز اشرف حكيمي بشكل أقرب إلى مرماه مقارنة بتمركزه خلال الشوط الأول، فباستمرار سحب يونس موسى نحو حكيمي وايا من كرونيتش أو رايندرز مع أوجارتي، يقوم إيمري بالنزول متأخرا إلى حد ما باتجاه الكره ليسحب وراءه لاعب الوسط الثالث للميلان، وبالتالي يبقى رباعي دفاع الميلان دون أي مساندة أمام ثلاثي الخط الأمامي لمنافسه: امبابي ومواني وديمبليه.

هنا تتوفر مساحة شاسعة بين الخطوط يتمركز فيها فيتينها مستغلا عدم قيام بوليزيتش بالترحيل تجاهه بدلا من البقاء مع لوكاس هيرنانديز، الظهير المقابل الذي يكاد لا يمتلك أية فرصة لوصول الكره اليه

وهنا كان دفاع ميلان أمام خيارين أحلاهما مُر بحدوث حالات قريبة جدا للتحولات الإصطناعية: الأول يكمن في استلام فيتينها الكرة مواجها لمرمى الميلان والإنطلاق في وضعية اربعة ضد اربعة مع تراجع دفاع الميلان لتأجيل المواجهة حتى وصول المساندة من الزملاء، أو قيام أحد قلبي الدفاع بالتقدم للضغط على فيتينها وترك الثلاثي المتأخر أمام احتمالية تخطي فيتينها للضغط والوصول لحالة أربعة ضد ثلاثة.

أماكن استلام فيتينها للكرة
E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\13.jfif

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\09.png

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\10.png

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\11.png

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\12.png

بناء اللعب (ميلان)

أما عن الميلان، فأمام نمط مماثل للضغط العالي يعتمد فيه أيضا باريس سان جيرمان على الضغط الموجه رجل لرجل فقد اعتمد الضيوف بشكل كلي على بناء اللعب من خلال الكرات الطولية المباشرة من أحد قلبي الدفاع أو على الأخص الحارس ماينان إلى رباعي الخط الامامي المتمثل في جيرو بالإضافة إلى تقدم يونس موسى أو رايندرز، مع توسيع كل من لياو وبوليزيتش لرقعة الملعب إلى أقصى حد ممكن وذلك من خلال الرسم التكتيكي 4-2-4

ورغم قيام لاعبي الخط الأمامي للمنافس بالضغط من مناطق متقدمة بالإضافة لسحب ثنائي ارتكاز الميلان لكل من إيمري وأوجارتي بعيدا عن الثلث الاوسط فان احتمالية خسارة الإلتحامات الهوائية أو الكرة الأولى لا تؤدي إلى احتمالات كبيرة أو دائمة لكسب الكرة الثانية، خصوصا مع غياب اللاعب المتأخر قليلا عن الخط الأمامي القادر على القيام بذلك الأمر.

وعلى الرغم من حدوث ذلك في بعض الحالات أو حتى عند استطاعة لاعبي الخط الأمامي للميلان القيام بتحركات خلف أظهرة باريس سان جيرمان أو بين قلبي الدفاع، فهم لم يجيدوا أيضا ترجمة تلك الفرص المؤكدة إلى أهداف.

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\14.png

E:\Football\Analyst Work\Football talk\018 تحليل باريس ميلان 25-10-23\15.png

الخلاصة أن تشابه الأسلوب بين فريقين أو أكثر حتى ولو في أغلب الملامح لا ينتج عنه بالضرورة نتائج مماثلة، بل وأيضا قد لا تتشابه الأنماط المطلوبة للتغلب على ذلك الاسلوب، فكل يعتمد على قدرات اللاعبين الذين يقومون بتطبيق ذلك الأسلوب على أرض الملعب، بل وبالأخص على قدرة المدير الفني لفريق على اعتماد عديد الأفكار والأنماط من أجل إتاحة خيارات متعددة لفريقه، وهو ما يزيد من احتمالية تفوقه التكتيكي على منافسه، والذي يؤدي بالضرورة إلى زيادة احتمالية فوزه بالمباراة.

إنتهى .

Football Talk (2)

أخبارنا

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على معلومات التحديث والأخبار والرؤى.

Copyright FBTALK 2024 | Developed by OaCode Technology