أيهم أوسو.. نسر يحلق في سماء إسبانيا

أيهم أوسو.. نسر يحلق في سماء إسبانيا

كرة القدم هي الأوبرا التي يعزفها البشر جميعاً، لم تكد أفراح السوريين بأداء منتخبهم في كأس آسيا تنتهي حتى أتاهم خبر لم يعتادوا عليه في تاريخهم القاتم كروياً، وهو خبر إنتقال المدافع السوري أيهم أوسو إلى نادي قادش الإسباني ليكتب اسمه في التاريخ كأول اللاعبين السوريين المحترفين في الليجا الإسبانية، تبعاً لهذا علينا طرح أول الأسئلة المنطقية..لماذا أيهم هو المختار؟ هل يملك القدرة على أن يكون في مستوى أعلى الآن؟ هل يمتلك القدرة لأن يرتقي لمستوى أعلى حتى؟

الجواب هو نعم، الأسباب هي الخصائص التي يمتلكها اللاعب إضافة لحس المسؤولية والقيادة في الملعب، نستعرض سويةً المهارات التي جعلت أحد النسور على رادار كشافي أندية الليجا والكالتشيو في وقت واحد.

1- حمل الكرة التقدمي العمودي:

تعد مهارة حمل الكرة بشكل عمودي أحد الطرق التي من الممكن أن يؤديها المدافع لإستغلال مساحة عمودية أمامه ناتجة عن خلل في هيكل ضغط الخصم، أو خط ضغط الخصم الأول أو قد تكون سبيل لتجاوز الضغط عند انعدام الحلول أمامه.

في هذه الحالة نرى أيهم يلاحظ المساحة أمامه مع عدم وجود خيارات تقدمية سهلة الوصول أمامه فيقرر تجاوز خط الضغط الأول بحمل الكرة متجاوزاً خط الضغط الأول ساعياً لإيجاد حلول أو خلق مشاكل في هيكل الخصم تؤدي لصناعة مساحة ضمن الهيكل لاستغلالها في صناعة فرصة للفريق

نرى هنا المسافة التي قطعها أيهم مما جذب إليه جناح الخصم الأيسر صانعاً وضعية 1 ضد 1 لجناح فريقه(الدائرة المهشرة) على الطرف مع تواجد مساحة كبيرة للاستغلال خلف الظهير

يهم يهاجم تلك المساحة بعد تسليم الكرة للجناح مع ملاحقة محور الخصم له، أي أن هناك مساحة في العمق ستظهر

يمكن ملاحظة المساحة الناتجة بسهولة وجهوزية أحد لاعبي الوسط لاستلام الكرة فيها بحرية،كل هذا كان نتيجة لقرار واحد إتخذه أيهم في بداية العملية كليا

في حالة ثانية، أيهم يستلم تمريرة عرضية من الزميل كما هو موضح ولا خيارات تمرير جيدة أمامه، من جديد سيرة المساحة العمودية ويحاول إختراق هيكل الخصم

ينجح أيهم في تجاوز خط الضعط الأول من جديد ولكن هذه المرة تمكن الخصم من قفل المساحة في عمق الهيكل بشكل ممتاز مما اضطر المدافع للعودة للخلق والمحاولة بأساليب أخرى

2- الهدوء على الكرة:

هنا أوسو يتعرض للضغط الشرس مع قطع كل سبل التمرير التقدمية عليه ماعدا خيار عرضي قابل للضغط

أوسو بكل هدوء يقرر الالتفاف على نفسه وحماية الكرة بخداع جسدي للخصم

حفاظ على الكرة وكسب وقت ومساحة للبحث عن حلول من جديد، المؤثر هنا على هذه الحالة أن اللاعب تمكن بهدوء من مواجهة كانت خسارتها ستكلف فريقه احتمالية عالية لتلقي فرصة خطرة للخصم

في هذه الحالة، المنتخب الإيراني يخسر الكرة داخل منطقة الجزاء وتصل إلى أيهم

أيهم لم يرتبك تحت ضغط الخصم أو خطورة المكان الذي يحاول فيه أن يخرج الكرة بهدوء

تمريرة تحت الضغط للزميل ومهاجمة مباشرة للمساحة خلف اللاعب البادء بعلمية الضغط العكسي عليه

خروج نظيف للكرة من منطقة خطرة تحت الضغط، الهدوء يمنح الفريق فرصة التحول الهجومي والأهم عدم خسارة الكرة في أماكن قريبة من المرمى

هنا أيهم مستعد لمواجهة كرة عالية مع اقتراب أحد لاعبي الخصم منه

بسبب بعد لاعب الخصم، أوسو يتصرف بحكمة وهدوء ويرفض التشتيت ويقرر التمرير إلى الزميل على الطرف والحفاظ على الكرة مع الفريق

وصول الكرة بسلام للزميل رغم ضغط الخصم السريع وإعاقته له

3- اللعب بالقدمين:

من المزايا المهمة جداً والتي يستطيع فيها اللاعب الاستفادة منها تحت الضغط أو بدون هي اللعب بالقدمين، في العموم أيهم لم يظهر القدرة على لعب تمريرات كاسرة للخطوط، عمودية كانت أم قطرية،حتى الكرات الطويلة التي أرسلها لم تكن بالدقة الكافية، لكن أيهم لاعب يستطيع الحفاظ على الكرة تحت ضغط شديد للغاية مستفيداً من الهدوء كما سبق وذكرنا واستعماله الجيد للقدم اليسرى تحت الضغط،كما نرى هنا يمرر تمريرة سهلة بالقدم اليسرى تبعاً للوضعية وهذا يساعده كثيراُ لتجنب ضغط الخصوم،لو أنه أراد التمرير باليمنى هنا سوف يحتاج خطوة أو اثنتين ووقت زائد قد يكفي لوصول ضغط الخصم لو كان بالشراسة الكافية

من أهم مزاياه أيضاُ هي الوعي والتحرك لتقديم نفسه كحل مناسب للخروج من الضغط ، هنا مرر ولكن الزميل وضع تحت الضغط مباشرة فتحرك نحو الخلف مبتعداً عن الضغط ليطلب الكرة بثقة ويحافظ الفريق على الاستحواذ ويبدأ رحلة البحث عن ثغرة للتقدم من جديد

نرى هنا ضغط مباشر عليه من مهاجم الخصم وعلى قلب الدفاع الأيمن أيضاً، للخروج من الضغط عليه إستخدام قدمه اليسرى بطريقة جيدة ليصل للزميل على الطرف

الكرة تصل بكل هدوء وكأنه يمرر بقدمه الأساسية وهذا ما يصعب من عملية الضغط عليه من قبل الخصوم ويساعد فريقه على عدم خسارة الكرة في حالات مشابهة

كما ذكرت سابقاً ،اللاعب لا يمتلك الرؤية والقدرة على لعب كرات كاسرة للخطوط، مع الفريق السويدي كانت الكرة تخرج من قلب الدفاع الآخر باستمرار بينما يكتفي هو بالتمرير العرضي أو الكرات الطويلة غير الدقيقة تماماُ، وهذه ليست بخطيئة ولكن هو شي لا يملكه اللاعب الآن ولكن يمكنه العمل عليه حيث يمكن لهدوءه واستعماله للقدمين أن يساعده على ذلك. الصورة هنا للمنتخب السوري أمام المنتخب الإيراني المنقوص عددياً والمتكتل في الثلث الآخير، نرى لاعبي الوسط السوريين أمام خط الضغظ لمحاولة إيجاد مسارات تمرير بين خطوط هيكل الخصم، هذه خسارة تكتيكية نظرية لأنه وفي هذه الحالة نرى بوضوع خلاء العمق الإيراني من اللاعبين السوريين مع تفوق عددي داخل الهيكل

صورة أخرى لتأكيد الحالة

4- الدفاع الاستباقي:

من أهم مزايا أيهم أوسو هي الوعي الاستباقي لو يمكننا تسميته بذلك، هو مزيج بين الوعي التكتيكي والقدرة على الاستباق الدفاعي أمام المهاجمين واللاعبين الذين يسقطون ليستلموا الكرة في المساحة بين الخطوط بحرية. هنا فريق "هاكين" ينفذ مصيدة ضغط يحاصر فيها ظهير ليفركوزن على الخط دون مسارات تمرير حرة،الظهير يمرر الكرة للجناح كخيار وحيد

الجناح يموه ويترك الكرة تمر على إفتراض أن يستلمها بونيفيس ويعيدها إليه بعدما أتم عملية الهروب من ظهير الخصم، ولكن نرى أيهم أوسو يستبق بنجاح على بونيفيس ويقطع الهجمة التي لو اكتملت لكانت قد تؤدي لصناعة فرصة خطيرة

النجاح في الإبعاد

من جديد بالكربون، نفس مصيدة الضغط تتكرر ونفس التمريرة باتجاه بونيفيس تعاد

ومن جديد أيهم يستبق بنجاح يبعد الخطر من أمام بونيفيس مهاجم ليفركوزن

مثال جديد عن الوعي والجرأة لدى أيهم، في هذه الحالة هناك إبعاد للكرة من الظهير الأيسر ستصل إلى بونيفيس بين الخطوط

بونيفيس يتمكن من الاستلام وحماية الكرة

نظراً لعدم وجود وفرة عددية في الدفاع ووجود جناح منطلق على الخط مع مهاجم مساند لو وصلت إليه الكرة، يقوم أيهم بإرتكاب خطأ تكتيكي ضد بونيفيس ليوقف الهجمة والخطر الممكن

مثال آخر عن الوعي بالسياق، الجناح الإيراني يمتلك خيار تمرير واحد فقط وهو اللاعب المتمركز أمام أوسو الذي يستعد كما واضح ليستبق ويقطع التمريرة

نلاحظ الوعي والمبادرة داخل السياقات الصغيرة حيث يصل بجانب اللاعب منطلقاً ليتمكن من الوصول إلى الكرة قبل المهاجم الإيراني طارمي

أوسو ينجح بقطع الكرة وتأمين الدفاع

مثال أخير عن وعي اللاعب في قطع الكرات والاستباق، أوسو هنا في البداية كان مراقباً للمهاجم سردار، بوعيه التكتيكي قام بتجهيز نفسه للمبادرة لكي يعترض طريق التمرير الموضحة للاعب المتمركز بين الخطوط

أوسو ينجح بقطع الكرة ومنع الخطر عن المرمى، هذه المبادرة الناجحة قادت لتحول هجومي تكفل به وحيداً حتى منتصف الملعب قبل أن يسلمها للمهاجم على الدالي الذي انطلق وعلى إثر ذلك تم طرد اللاعب الإيراني الذي عرقل علاء المنطلق بأقصى سرعته

أوسو ينجح بقطع الكرة ومنع الخطر عن المرمى، هذه المبادرة الناجحة قادت لتحول هجومي تكفل به وحيداً حتى منتصف الملعب قبل أن يسلمها للمهاجم على الدالي الذي انطلق وعلى إثر ذلك تم طرد اللاعب الإيراني الذي عرقل علاء المنطلق بأقصى سرعته

5- من المميزات الأخرى التي تمكن اللاعب من التواجد في فريق يدافع بخط عالي أو متوسط هي إتقانه لتدوير وضعية جسده تبعاً للسياق، كما يحصل هنا حيث يبتدأ بجسد نص مفتوح أمام التمريرة المكشوفة مع المسح الدائم للمهاجم في حال كان يبدأ الجري خلفه

التمريرة قصيرة ويبعدها بسهولة

لدينا في هذه الحالة سباق سرعة بينه وبين اللاعب الشاب أدام هازيك من حالة تحول دفاعي،نلاحظ تشريحه الجسدي من جديد الذي يمكنه من مجاراة لاعب يفوقه في السرعة حسب الإحصائيات

يربح السباق والثنائية حيث استخدم قوته البدنية بنجاح ومنع الخطر عن مرماه كآخر لاعب

في هذه الحالة فرصة لتمريرة مكشوفة، يبدأ بتعديل وضعية الجسد ليبدأ الجري مع المهاجم

الخصم يلعب التمريرة بالعرض ليتوقف اللاعب عن السقوط ويرحل بشكل بطيء عرضياً وهو يتابع تمركز المهاجم باستمرار

يترك المهاجم وراء الخط الذي يمتاز هو بالالتزام به والتعامل معه بذكاء على حسب السياق

هنا من جديد فرصة لتمريرة مكشوفة وجسد نصف مفتوح لبدأ السباق مع المهاجم

الخصم يمرر بالعرض والترحيل العرضي يبدأ مع الالتزام بخط الدفاع العالي

6- الكرات الهوائية:

إختيار الجرأة أو الهدوء تبعاُ للسياق.هنا كرة ملعوبة من الحارس نحو المهاجم، أيهم محاط بالدائرة البيضاء

يكسب الثنائية بهدوء

يوجه الكرة نحو الزميل بنجاح

عرضية من داخل المنطقة، أيهم هو اللاعب المشار إليه بالأبيض والمحاط بعدد من لاعبي الخصم

أيهم يكسب الصراع مع لاعبين من الخصم بكل قوة ويبعد الخطر عن مرمى فريقه في مكان وتوقيت صعبين

تأمين الكرة وإنتهاء الخطر

كرة طولية من قدم الخصم تحت الضغط

من المهم هنا ملاحظة الإرتفاع الذي وصل إليه أيهم وأن الخصم صاحب طول وبنية قوة، ولكن أيهم يكسب الصراع من جديد ويبعد الكرة

في هذا المثال نبين تفاعل أيهم مع الكرات العالية وتغيره تبعاً للسياق،هنا كرة ملعوبة من المدافع غايتها ضرب المساحة خلف خط الدفاع المتوسط

الكرة لم تصل لغايتها، أيهم يحصل على الكرة ويقوم بتوجيهها نحو المساحة التي يتواجد بها زملاؤه ليمكنوا من تحصيل الكرة الثانية

الكرة الثانية مع الزميل بنجاح

الملخص:

لم يكن نجاح أيهم في الوصول لهذا المستوى بمحض الصدفة، هو نتاج عمل واجتهاد وخبرة وتعلم مستمر، مازال العديد من المتابعين والمشجعين يعتقدون أن فرق المستوى الأول تتعاقد مع اللاعبين إعجاباً بلقطة ما لافتة،الموضوع مختلف وهو نتاج دراسة متكاملة لقدرات وبيئة اللاعب، ربما لن نرى أمثلة كثيرة من أيهم في الحاضر ولكن علينا أن نتعلم منه ومن القصة كاملة عن كيفية تكوين من هم قادرين على المنافسة على أعلى المستويات، لو تأخر تألقه مع قادش أو لم يوفق فهو قادر على المضي نحو رحلة جديدة، هو نسر إعتاد التحليق ولن يستكين لعقبة واحدة في الطريق.