3 دقائق فقط هي مدة حصول اللاعب على الكرة اثناء المباراة، في المقابل ما يقرب من 87 دقيقة سيكون اللاعب دون الكرة خلالها. فكيف يُمكن ان يؤثر في اداء فريقه الهجومي دون الكرة؟

سنحاول في هذا المقال ان نجيب على التساؤل بالاستعانة ببعض الاوراق البحثية المنشورة عبر علماء البيانات في مجال كرة القدم

عند تقييم لاعبي كرة القدم نبحث عن معرفة كيفية مساهمتهم في تحسين أداء فريقهم هجومياً بقياس مقدار تأثير افعال اللاعب على زيادة فرصة تسجيل فريقه – يعمل أسلوب التقييم هذا على قياس كم وجودة التسديدات والتمريرات وهنا نتحدث عن حامل الكرة فقط خلال 3 دقائق فقط بالمباراة!

لكن هناك 22 لاعب على ارض الملعب جميعهم يساهمون بشكل مباشر وغير مباشر في اداء فريقهم ليس فقط حامل الكرة – تمركز وتحرك اللاعبين قد يكون اكثر اهمية من القرار الذي سيتخذه حامل الكرة بل ان تحركاتهم هي من تحدد الخطوة التالية في البناء الهجومي

في احد الاوراق البحثية التي نشرت لمناقشة اهمية قياس جودة تحركات اللاعبين دون كرة تحدث عالم البيانات الشهير ديفيد سامبتير عن لاعب ليفربول الاسبق فيرمينو حيث ذكر انه هو اللاعب الذي يجسد مشكلة تقييم اداء اللاعب الهجومي فقط من خلال أحصائياته الهجومية ( التسجيل والصناعة ) او ما يعرف بـ Event Data فرمينيو لا يسجل الكثير من الاهداف إلا أن تحركاته دون الكرة هي التي تخلق المساحة لزملائه للتسجيل .. هنا Radar chart للمقارنة بين ارقام صلاح وفيرمينو موسم 2020/21

اذاً من السهل قياس مدى جودة اللاعب هجومياً بـ Event Data التسجيل والصناعة لكنها ليست كل شيء كما ذكرت – مثال لتوضيح كيفية تأثير اللاعب دون كرة على جودة اداء فريقه الهجومي : فيرمينو هنا تحرك من العمق لطرف منطقة الجزاء ، وسحب معه المدافع للخارج مما ادى لتسهيل الخطوة التالية

تحرك فيرمينو الذكي ادى مباشرة الى تسهيل عملية تطوير الهجمة بفتح مستحة في عمق الملعب تحركه سحب مدافع معاه بشكل مباشر وعمل Potential pass لـ ساديو ماني الخريطة الحرارية بتوضح المساحة الى مستحوذ عليها لاعبي ليفربول (بالاحمر) اذا وصلت الكرة لها فهي في تحت سيطرة ليفربول والعكس

لا يوجد شيء استثنائي في هذا التحرك إنه مجرد مثال مباشر لشيء يفعله فيرمينو باستمرار يبحث دائمًا عن طرق لفتح مساحة داخل البوكس بتحركاته أحيانًا يحصل على الكرة ، وأحيانًا اكثر يسهل ايصال الكرة لزملاءه.. ولكن في كلتا الحالتين تكون الحركة مستمرة والدفاع مشتت

مثال اخر لتوضيح الفكرة لنعود الى مباراة تشيلسي امام لوتون تاون خلال هذا الموسم 2023/24 .. سيطر جاكسون مهاجم تشيلسي على الكرة في وسط الملعب دون وجود مساحة واضحة لاختراقها ولا زاوية تمريرة سهله لتطوير الهجمة لكن ما صنع الفارق هو تحرك كالاغير دون كرة من عمق الملعب للطرف الايسر مما شغل مدافع لوتون واجبره على مراقبته والتحرك للطرف معه ذلك تسبب بشكل واضح في فتح مساحة في العمق استغلها جاكسون وتقدم بالكرة اكثر ليجد زاوية تمرير سهله لرحيم داخل المنطقة .. كل ذلك حدث بتحرك ذكي من كالاغير دون ان يلمس الكرة حتى. مثال واضح على فعالية التحرك دون كرة او ما يسمى Disruptive run

لا توجد طريقة واضحة لقياس هذا النوع من الحركة دون الجمع بين بيانات الاحداث وبيانات التتبع ويجب تعريفهم:

– بيانات الاحداث Event Data الاهداف التسديدات التمريرات التاكلينج التشديد المراوغة وغيرها

– بيانات التتبع Tracking Data الخريطة الحرارية لتمركز اللاعب + تحركات اللاعب

انشأت شركة SkillCorner نموذج لقياس ذلك حيث يتم دمج بيانات الحدث event data ببيانات التتبع tracking data والتي توضح تمركز واتجاه جميع اللاعبين اثناء اي حدث (تسديدة على المرمى مثلاً) والربط بين تحرك اللاعب وتأثير ذلك التحرك على جودة ونتيجة الهجمة

يتم عمل freez frame ( لقطة ثابتة لحظة الحدث) ويقوم بعد ذلك تقييم جميع التحركات.. قيمة المساحة المفتوحة تحددها قيمة أفضل تمرير ممكنه اثناء تلك اللحظة كيف يتم قياس افضل تمريرة ممكنة؟ يقول ديفيد سامبتر في ورقته البحثية انه عندما نريد ان نقوم بقياس افضل تمريرة ممكنة فالمعادلة كالتالي .. ضرب قيمة التحكم في الملعب (احتمالية تلقي اللاعب للكرة) نضربها في قيمة xG (احتمالية التسجيل بعد نجاح التمريرة) = الناتج هو قيمة التمريرة في تلك اللحظة بذلك نتمكن من حساب جودة كل تمريرة ممكنه والقيمة الاعلى هي التمريرة الافضل

لنعود خطوة للخلف لتوضيح انواع تحركيات اللاعبين دون كرة

– Target Run تحرك اللاعب في مساحة ونجح في استلام الكرة

– Potential Runs تحرك اللاعب في مساحة والتمريرة لُعبت لكنه لم يُسيطر على الكرة

– Disruptive Runs تحرك اللاعب في مساحة معينة وفتح مساحة اخرى لزميله والتمريرة وصلت لزميله

Target Runs حيث كان اللاعبين المنطلق هو هدف التمريرة واستلم الكرة بنجاح يتم قياس جودة ال Target Run بنفس العملية الحسابية الي ذكرتها:

Pitch control value X xG value قيمة التحكم في الملعب مضروبة في قيمة الاهداف المتوقعة لحظة وصول الكرة

مثال على هذا النوع من التحرك دون كرة .. انزو يمتلك الكرة في وسط الملعب ولا يبدو ان هناك تمريرة متاحة لتطوير الهجمة لكن الحل كان لدى رحيم بتحرك ذكي خلف خط دفاع الخصم اجبر انز فورا على ارسال الكرة ليتلقاها رحيم داخل المنطقة في تطبيق مثالي لفكرة الtarget run

مخطط اخر بيوضح الـ disruptive runs لفيرمينو التحركات الي ساهمت في فتح مساحة لزملاءه لاستلام الكرة وهنا بتضهر فيمة تحركات فيرمينو بدون كرة وتأثيره على اداء فريقه مرة اخرى بيتم قياس جودة الDisruptive run بضرب قيمة الpitch control في الxG بعد استلام الكرة

لتحليل حالة من الFreeze frame “لقطة ثابتة لحالة من المباراة” بيتم تقسيم الحالة لثلاث عوامل لازم نتعرف عليهم : – mutual help منطقة مساعدة متبادلة – intervention التداخل – cooperation منطق تعامل

لهذه الدرجة المعقدة وصلت كرة القدم ولا يوجد مفاجئة في ذلك فالأندية والمحللين وعلماء البيانات جميعهم يبحثون عن اضافة تجعلهم يتقدمون في السباق الذي يتنافس فيه مئات الراغبين في الوصول لنفس الهدف ونتيجة لهذا التنافس تزيد كرة القدم تعقيدا فاصبحنا نبحث عن قياس جودة تحرك اللاعب دون كرة وتأثير تحركه على جودة اداء فريقه وهذه النقطة تنقلنا للحديث عن اهمية هؤلاء اللاعبين الاذكياء الذين يضيفون الجودة لفرقهم دون أن نشعر فـ نحن المتابعين بل اننا نقسوا عليهم في التقييم عندما يتعلق تقييمنا فقط بتسجيل وصناعة الاهداف اتمنى ان يكون هذا المقال دفعة للنظر من زاوية اوسع لهؤلاء اللاعبين لانهم حقا فائقي الاهمية والتأثير.

إنتهى .