انتهيتَ من مشاهدة مباراة برايتون أمام مانشستر سيتي في الدور الأول للعام الماضي، ثم تصفّحتَ جوّالك عبر تويتر أو فيسبوك فوجدتهم يتحدثون عن أمور هامة جدا في المباراة، أنت لم تلاحظ حتى قشور هذه الأمور، فشعرتَ بخيبة أمل، لا تقلق –يا صديقي– فهذا أمر عادي، يحدث حتى مع محللين محترفين في أندية كبرى، وذلك لصعوبة ملاحظة كل شئ في المشاهدة الأولى من المباراة.
قبل مباراة برايتون أمام مانشستر سيتي، تصفحت جوّالك لكي تعلم تشكيلة برايتون للمباراة، وكانت على النحو التالي: 2-1-4-3 بوجود آدم لالانا كمهاجم ثاني.
بدأت المباراة، وبدأ برايتون بالضغط العالي على مانشستر سيتي بوجود آدم لالانا كمهاجم ثاني بالفعل مثلما وجدتها على جوّالك.
انتهى الشوط الأول ودخلتَ على تويتر، ثم قرأت أهمية لالانا كلاعب وسط ملعب إضافي في مرحلة الخروج بالكرة فشعرت بالحيرة حينها!
هذا أمر طبيعي خاصة اذا ما كانت هذه المرة الأولى لك لمشاهدة فريق ما، فأنت لا تعلم الأساليب والفلسفة التكتيكية للمدرب، أول شيء يجب عليك إدراكه أن عليك مشاهدة المباراة مرة أخرى لكن بشيء من التمحيص والتدقيق.
هناك 12 مرحلة في كرة القدم، وللتبسيط فلنقل انهم ثمان مراحل فقط، ثلاث مراحل دفاعية ( الدفاع المنخفض، الدفاع المتوسط، والدفاع المتقدم )
وهناك ثلاث مراحل أثناء حيازة الكرة( مرحلة بناء اللعب في الثلث الأول من الملعب، مرحلة التدرج بالكرة في الثلث الثاني من الملعب، ومرحلة اللعب في الثلث الأخير من الملعب ) و أخيرًا مرحلة التحوّلات الهجومية ومرحلة التحوّلات الدفاعية.
أثناء مشاهدتك الثانية للمباراة، يجب أن يكون هدفك أن تلاحظ النمط، النمط هو كل شيء في هذه المرحلة، لفهم ما يحاول أن يفعله المدرب في مرحلة ما يجب عليك أن تلاحظ هذا النمط، ولفعل ذلك يجب عليك تقسيم المباراة إلى المراحل التي ذكرناها من قبل، ومن ثم تحليل كل المشاهد لكل مرحلة على حدى وبذلك يمكنك التقاط النمط وملاحظة أيضا التغيرات التي تحدث أثناء المباراة.
في مباراة ليفربول وليستر سيتي الدور الثاني العام الماضي، في مرحلة بناء اللعب من الثلث الأول من المباراة، كان ليفربول يلعب بثلاث مدافعين، كوناتي و فاندايك و روبيرتسون، أمامهما أرنولد و فابينهو.
ويمكننا أيضا ملاحظة اعتماد ليفربول على لاعبين اثنين وسط أمام أرنولد و فابينهو، وهما هيندرسون و كيرتس جونز، مع وجود جاكبو كمهاجم ونزوله لعمق الملعب للمساعدة في التدرج بالكرة.
ومع تجميع الفكرتين السابقتين يمكننا أن نرى لعب ليفربول ب Box Midfield بخطة 3-2-2-3 وبذلك مبروك! نجحت أن تلاحظ الشكل التكتيكي لليفربول في مرحلة بناء اللعب.
من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الكثير من المحللين، هي محاولة تحليل مشهدين لمرحلتين مختلفتين سويًا! فمثلا في المرحلة الدفاعية لليفربول، يدافع ليفربول بأربع مدافعين وثلاث لاعبي وسط، وثلاث مهاجمين بخطة 3-3-4، لا يمكنك حينها قول أن ليفربول يلعب بخطة 3-3-4 طوال أحداث المباراة، لكن يمكنك قول أن ليفربول أثناء المراحل الدفاعية يدافع بخطة 3-3-4
من الأخطاء الشائعة أيضًا التي يقع فيها الكثير من المحللين، ومن الممكن قول الكثير من المحللين في الاستوديوهات بين شوطي المباراة، هي اجتزاء صورة من مرحلة ما في المباراة، ومحاولة تحليلها كنمط بعيدا عن سياق اللقطة نفسها، و بعيدا عن سياق المباراة بشكل عام.
مثال على ذلك، نهائي كأس العالم بين الأرجنتين وفرنسا، لا يمكنك أخذ لقطة ما للاعب في الأرجنتين وهو يمرر للجناح في مساحة فارغة كبيرة، ونستنتج من ذلك ضعف الدفاع الفرنسي بشكل عام و وجود ” شوارع ” وراء خط الدفاع، لأن ذلك ليس ” نمط ” مثلما فعلنا في اللقطات السابقة، وربما اللقطة كلها هي تحوّل هجومي للأرجنتين ليس له دخل بسوء الدفاع الفرنسي ككل.
لكي تكون واثقًا من رأيك، يجب عليك البحث على الأنماط وليس حالات فردية، لأن اللاعبين في نهاية الأمر هم بشر وليسوا آلات، حيث أن من الممكن أن يفعل اللاعب شيء لم يكن مُتفق عليه، و أيضًا لا تقتطع الأمور من سياقها لكي ترى الصورة بشكل كبير و واضح ولكي تكون قادرًا أيضًا على رؤية التغييرات التي تحدث أثناء المباراة.
إنتهى .
اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على معلومات التحديث والأخبار والرؤى.