في ليلة أوروبية مثيرة على أرضية ملعب "الإمارات" في لندن، خطف باريس سان جيرمان فوزًا ثمينًا من مضيفه أرسنال، في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، في مواجهة أُقيمت أول أمس وشهدت مستوى عالٍ من التنافس والحماس. الفريق الباريسي قدّم أداءً منضبطًا وفعّالًا، نجح من خلاله في العودة من إنجلترا بنتيجة إيجابية تقرّبه من نهائي البطولة. من جانبه، ظهر أرسنال بشكل متذبذب، حيث لم يتمكن من استغلال عامل الأرض والجمهور بالشكل المطلوب، ما يضعه تحت ضغط كبير قبل مواجهة الإياب في باريس. في هذا التقرير التحليلي، نستعرض أبرز الجوانب التكتيكية والفنية التي صنعت الفارق في اللقاء، ونسلط الضوء على مفاتيح اللعب وأداء أبرز النجوم.
أشرنا في مقال سابق عن مشاكل باريس مع انريكي في مواجهة ضغط الرقابة الفردية وخاصة الضغط المكون من شخصين في أول خطوط الضغط وحاولنا فيه البحث عن حلول لهذه المشكلة ومنها كانت حلول واقعية مع الجودة المتاحة لفريق باريس وحلول كانت صعبة التنفيذ بسبب عدم وجود الجودة المطلوبة. الفكرة التي كانت بدون منفعة هي فكرة اللعب المباشر للمهاجم أو في العمق وكانت بدون منفعة بسبب عدم وجود مهاجم بهذه الامكانيات في باريس وحتي مع وجود راموس كان الوضع صعب جدا عن علي باريس لأنه ضعيف في هذه الحالات بوضوح. والفكرة الثانية والتي كانت سهلة التنفيذ هي فكرة سقوط لاعب الارتكاز فيتينا بجانب المدافعين وحركة الظهير للعمق ولقت نجاح كبير في مباراة الفريق في الدوري أمام لوهافر الفرسي لكن إنريكي في مباراة أرسنال لم يتحكم في الوضع بشكل صارم ولم تكن فكرة نمطية بل كانت نوايا ومبادئ الفريق بيحاول تطبيقها داخل هيكل الفريق المستخدم من انريكي، في مقالنا الحالي سنستعرض أفكار انريكي أو كما ذكرنا هي نوايا فريقه لكسر ضغط أرسنال وكيف أرسنال كان قادر علي حل لغز افكار إنريكي في وقت لاحق من المباراة.
نوايا الفريق الباريسي كانت واضحة وهي عن طريق تحرك فيتينا ولاعبي الوسط نيفيز ورويز، والحركات كانت لأسباب معينة، أول طريقة تحركات كانت نزول فيتينا بجانب المدافعين وتحرك رويز للطرف مع حركة نيفيز العمودية لتثبيت قلب دفاع من قلوب الدفاع وهذا سمح بمساحة كبيرة في العمق لديمبيلي للتحرك للخلف لاستلام الكرة ونقل الفريق للأمام.
في الحالة الأولي وفي أول دقيقة في المباراة سنجد فيتينا يتحرك تلقائيا نحو الطرف بجانب المدافعين.
مما أدي لسحب ساكا للضغط عليه وبالتالي صعود الظهير للضغط علي ميدنديش وبالتالي كفارا مع قلب الدفاع سليبا
لقطة الهدف الوحيد في المباراة توضح النوايا للفريق، الهدف من التحركات التي تم شرحها مسبقا هو تفريغ العمق لديمبيلي ولكن الأمر ليس بهذه السهولة لأن نظام ضغط أرسنال صارم ومعقد، لذلك كان يحتاج ذلك ذكاء من انريكي ولاعبيه حتي يتفوقوا عليه وقد كان، قبل هجمة الهدف تم تدوير الكرة في جانب الملعب الآخر وكانت التحركات هناك تصف نوايا الفريق، نيفيز وحكيمي كانوا يضعون ميرينو في حيرة من أمره للضغط علي واحد منهم بالتالي الآخر سيهرب من الرقابة. وهنا الفكرة، رويز يتحرك عرضيا ثم يتحرك طوليا أو في شكل منحرف وفيتينا يتحرك خلفه حتي يكون خيار تمرير أولا وثانيا حتي يفرغ مساحة العمق لديمبيلي الذي بدوره متمركز في الوسط معتمدا علي تحرك حكيمي الذي ذهب عاليا لجذب انتباه ميرينو وهو ودوي، وأيضا حركة نيفيز العمودية التي بدورها ثبتت كيفيور قلب الدفاع المسؤول عن ديمبيلي بالتالي ديمبيلي أصبح حرًا بدون رقابة جاهز لاستلام الكرة في العمق
كما في الحالة توضيح لحركة لاعبي الوسط مع تمركز ديمبلي في العمق
رويز يبدأ في الحركة الدورانية، ومن ثم يتحرك فيتينا للتمركز في مكانه وبالتالي الوسط فارغ لديمبيلي.
ديمبيلي حر وخلفه نيفيز يقوم بمهمته في تثبيت المدافع.
وبسبب وجود لاعب ككفارا علي الطرف فكان من الصعب تركه في مواجهة فردية مع الظهير وحيدا بالتالي حركة رايس التلقائية للطرف كانت طبيعية لحماية الظهير ولكن هو ترك خيار فردي صعب أيضا وهو ديمبيلي واللوم هنا ليس علي رايس بل علي ميرينو واوديجارد وساكا الذين لم يعودوا سريعا لحماية العمق من ديمبيلي بعد فشل الضغط.
من الكاميرا الخلفية تضح النوايا واللعبة بشكل كبير وهي تحرك لاعبي الوسط لتفريغ العمق، نيفيز وحكيمي ودوي لتثبيت اللاعبين في الجهة الأخري وديمبيلي حر في العمق
في هذه الحالة تظهر التمركزات الأولية للاعبي الوسط قبل أي تحرك.
وفي هذه الحالة يشير لويز لنيفيز للتحرك كما هو متفق عليه.
وبالفعل يبدأ نيفيز في التحرك.
هنا يظهر الشكل العام للملعب مع تحرك فيتينا يتم سحب الجناح ومنها حركة الظهير للضغط علي الظهير الخصم حتي يصبح هناك ترابط في الضغط.
ولأن اللعب في باريس يظهر علي شكل نوايا وليس أنماط يمكن أن تظهر تجليات في الملعب بدون ترتيب كحركة فيتينا خلف اللاعب الذي يضغط عليه حتي يكون خيار متاح لحامل الكرة.
ولكن ارسنال كان متأهب وكل اللاعبين المتحركين للخلف للاستلام كانوا مراقبين بالكامل.
هنا فيتينا يقوم بكشف الملعب من خلفه حتي يفهم ما يجب عليه فعله وما هي حركته المقبلة هل سيذهب للمدافع أم سيتحرك في المساحة.
يتحرك فيتينا في العمق ويكون الخروج عن طريق الطرف من كفارا المراقب من الظهير ولكن كفارا صاحب امكانيات عالية لذلك الفريق قادر علي الاعتماد عليه حتي عند مراقبته.
في هذه الحالة يظهر رد أرسنال علي نوايا الفريق الباريسي وطريقة خروجه الواضحة في الدقيقة ال ٢٢ من المباراة تظهر ردة فعل ارتيتا ولاعبيه ضد الفريق الباريسي وهنا نجد التمركز المبدأي للفريق وخاصة ثنائي الوسط.
هنا ومع نزول ديمبيلي في العمق لكن برقابة لصيقة من ساليبا.
مع رجوع الكرة لمينديش يبدأ في التجهيز لارسال الكرة القطرية لجواو نيفيز لكن يفاجئ مينديش بوجود ميرينو لقطع الكرة وهنا يأتي الرد من ارتيتا الذي عدل في شكل وتمركزات لاعبيه والتي ساعدت في غلق ثغرة الكرة القطرية.
بعد تحويل ارتيتا الضغط ل ٤٢٣١ أو لاثنين محاور لحماية العمق من الكرة القطرية وجد الفريق الباريسي صعوبة في اختراق الضغط.
في هذه الحالة نجد التمركز المبدأي للاعبي وسط باريس.
مع نزول ديمبيلي مينديش كان غير قادر علي اللعب له مباشرة لأن اللاعب كان أمامه سيقان لاعبي ارسنال بالتالي كان من الصعب المجاذفة فكان تلقائيا اللجوء للكرة القطرية ولكن مع خروج ميرينو خلف فيتينا كان مارتينيلي هو من حل مكانه بالتالي الكرة القطرية مغلقة أيضا ولكن ميرينو قطعها وهي في الهواء.
ونستنتجع في وسط المقالة أن نوايا الفريق تظهر مع تحرك فيتينا وكيفية قراءته للوضع والحالة وكم هو ذكي في مساعدة الفريق في ذلك.
فيتينا هنا بجانب المدافع ويستلم الكرة لتحويل اللعب للجانب الآخر.
فيتينا يذهب للجانب الآخر حتي يشكل الشكل الرباعي ويسحب معه لاعب من وسط أرسنال والغرض تفريغ الوسط.
ومن ثم يظهر رويز حتي يستلم الكرة في العمق ويوجه اللعب للجانب الآخر من الملعب.
كما وضحنا مسبقا لعب فريق باريس مبني علي تحركات لاعبي الوسط خصوصا فيتينا وعلي فهم الفريق لهيكله ونوايا لعبه وبالتالي الترابط الفكري والحركي في هذه الطريقة يحتاج عمل كبير من المدرب وهو ما حدث فعلا ويجب التحية عليه.
هذه الهجمة الأخيرة والتي تصف نوايا الفريق الباريسي في اللعب ومدي فهم اللاعبين للأسلوب، هنا باتشو المدافع يشير للاعبين بالتحرك حتي يبدا الهجمة واللعب.
/
من ثم هو وفيتينا يشيران في نفس التوقيت علي نفس المساحة حتي يتحرك بها فيتينا ويستلم الكرة من باتشو ليبدأ اللعب.
نجد هنا نيفيز يتحرك في مكان فيتينا ورويز يتحرك نفس تحركه الطبيعي لسحب اللاعب من العمق.
وهنا أصبح نيفيز حرا بدون رقابة جاهز لاستلام الكرة وبدأ الهجمة لكنه أضاعها في النهاية.
مباراة مميزة وأساليب وقدرات مميزة من انريكي ولاعبيه ومباراة جيدة من ارسنال في محاولة منهم لمواجهة دينامية فريق باريس وقدرات لاعبيه الجبارة. هنا ينتهي مقالنا وشكرا للمتابعة.