ثنائية مبابي من ركلتي جزاء تمنح ريال مدريد فوزًا صعبًا على مارسيليا
افتتح ليلة أمس ريال مدريد مشواره في دوري أبطال أوروبا بمواجهة مثيرة أمام أولمبيك مارسيليا على ملعب سانتياغو برنابيو، حيث نجح الفريق في قلب تأخره والفوز بنتيجة 2-1. بهذا الانتصار القوي، يؤكد الملكي عودته للبطولة الأوروبية بعزيمة وثقة كبيرة تحت قيادة تشابي ألونسو.
ريال مدريد يتمتع بمرونة أكبر
ريال مدريد تحت قيادة تشابي ألونسو تحوّل من فريق يعتمد بشكل كامل على نظام اللعب التمركزي، القائم على شغل ممرات محددة والالتزام بمساحات محددة وأدوار ثابتة، إلى فريق أكثر مرونة أثناء الحيازة في مواجهة مارسيليا.مبادئ اللعب التمركزي لم تكن مناسبة لعدد كبير من عناصر ريال مدريد، وهو ما جعل الفريق يظهر بصورة رتيبة ونمطية في الاستحواذ، مع قلة الحلول وضعف التنوع، بل وأدّى ذلك إلى شلل في أدوار بعض اللاعبين مثل تمركز فالفيردي بين الخطوط في الممر الأيمن وأردا غولر في الممر الأيسر.لكن في مباراة مارسيليا، تخلّى ألونسو عن تلك المبادئ، مما منح الفريق قدراً أكبر من الحرية والمرونة خلال الاستحواذ على الكرة.
ريال مدريد في بناء اللعب
في المباريات السابقة، كان ريال مدريد يعتمد على بناء اللعب من مناطق مرتفعة عبر قلبي الدفاع وأحد الأظهرة، كحل لتعويض عدم وجود لاعب وسط قادر على قيادة عملية البناء وتنظيم اللعب. لكن المشكلة الأكبر كانت في تمركزات لاعبي الوسط، التي لم تكن مناسبة لقدراتهم، مما زاد من صعوبة الأمر وجعل الفريق يعاني أثناء الحيازة. أمام مارسيليا، لجأ تشابي ألونسو لنفس الفكرة الأساسية، لكن مع اختلاف في الشكل إذ اتخذت التركيبة في أغلب الأحيان شكل مثلث، يتواجد فيه أردا غولر كلاعب عمق بين الخطوط كرأس للمثلث، مستفيدًا من قدرته المميزة على اللعب في هذه المساحات. في المقابل، لم يشارك خط الوسط في الحيازة بشكل فعال، نظرًا لمشاكل فالفيردي في تنظيم اللعب، واحتياج تشواميني إلى وضعيات وسياقات معينة، بالإضافة إلى تمركزه المتقدم أغلب الوقت، مما جعل مهمة البناء والتنظيم تقع على عاتق قلوب الدفاع. رغم ذلك بدا ريال مدريد أكثر سلاسة ومرونة، حيث تفاعل اللاعبون بشكل أكبر مع تحركات مستمرة وأدوار مركبة، وهو ما سمح للفريق بتقديم لمحات هجومية أعادت للأذهان بعض من ملامح باير ليفركوزن تحت قيادة تشابي ألونسو.
مرونة ريال مدريد وبذور فكرة جديدة
ظهر ريال مدريد بمرونة واضحة أثناء الحيازة من خلال التحركات المستمرة والأدوار المركبة. فقد قام كارفخال في أكثر من مناسبة بالتحرك إلى العمق، في محاولة لمساعدة الفريق على بناء اللعب والخروج من ضغط الخصم. كارفخال من العناصر الأساسية في عملية البناء بشكل عام، لكن استخدام تشابي ألونسو له في هذا الدور لا يشترط أن يكون سببه ضعف خط الوسط في التنظيم، بل قد تكون فكرة لتنويع أساليب الفريق وتوسيع خياراته في كسر ضغط الخصم.لكن الأكيد أن تطبيق هذه الفكرة في ريال مدريد جاء نتيجة ضعف تركيبة الوسط الحالية ففي هذه الحالة ذهب كارفخال إلى الجهة اليمنى ليستلم الكرة في العمق، ثم يمرر ويتحرك ليصبح خيار تمرير خلف خط ضغط مارسيليا وبذكائه استطاع كارفخال تجاوز عدد كبير من لاعبي مارسيليا وهذه أمور لا يفعلها تشواميني أو فالفيردي لعدم قدرتهم على ذلك، قبل أن يصنع الفريق من هذه الحالة فرصة خطيرة عبر فرانكو الذي استلم الكرة، وتحوّل إلى العمق، وتفاعل مع مبابي وبقية الأفراد.
ما وراء هدف مارسيليا
هدف مارسيليا لم يكن مجرد هدف استقبله ريال مدريد فالموضوع اكبر من المتوقع وظالم لأفراد دفاع ريال مدريد بشكل ما، فكما أوضحنا سابقًا، الفريق يعتمد في عملية البناء على المدافعين بشكل أساسي بسبب مشاكل خط الوسط. وكلما تقدم خط الدفاع إلى مناطق مرتفعة لتحمل هذه المسؤولية، أصبح الموقف أصعب وأكثر خطورة، لأن المدافعين في النهاية قدراتهم محدودة تحت الضغط، وخيارات التمرير أمامهم أقل. هاوسن أو حتى ميليتاو معرضين للتسبب في اخطاء مثل هدف مارسيليا لأن مهمتهم ليست سهله، هاوسن اغلب الوقت يستحوذ على الكره في نصف ملعب الخصم لتعويض عيوب خط الوسط. الحقيقة أن ريال مدريد في أمسّ الحاجة إلى لاعب وسط قادر على تولي مهمة البناء والتنظيم بشكل أساسي، بحيث يصبح خط الدفاع داعمًا ومساندًا في عملية البناء والتنظيم والتدرج وليس العكس
ريال مدريد ودفاع الرجل لرجل
يعتمد تشابي ألونسو على نظام الدفاع «رجل لرجل» في جميع أرجاء الملعب، وبالطبع لكل نظام مميزاته وعيوبه. هذا النظام يساعد الفريق على جعل مهمة بناء اللعب لدى الخصم أكثر صعوبة، كما يساهم في قطع الكرة في مناطق متقدمة من نصف ملعب الخصم، مما يؤدي بدوره إلى صناعة فرص بشكل أفضل وأسهل. لكن في المقابل، من عيوب هذا النظام أن خطأ فرد واحد في الضغط قد يؤدي إلى فشل المنظومة كاملة، لأنه نظام قائم على المجازفة. إضافة إلى ذلك، تبقى هناك دائمًا مساحات في الخط الخلفي، يمكن للخصم استغلالها إذا قرر سحب المدافعين إلى مناطق متقدمة ثم إرسال الكرات الطولية إلى المساحات التي يتركها مدافعو ريال مدريد في هذا الأسلوب الدفاعي.
في هذه الحالات، نلاحظ وجود تشواميني وهاوسن وميليتاو في نصف ملعب الخصم. بطبيعة الحال، ريال مدريد سيتمكن في مباريات كثيرة من التفوق بهذا النظام، لأن ليس كل الأندية تمتلك الأدوات اللازمة للتعامل معه. لكن الحقيقة أن مارسيليا، رغم فشله في العديد من المرات في الخروج بالكرة، نجح أحيانًا في ذلك عن طريق سحب مدافعي ريال مدريد إلى الأمام وإرسال الكرات الطولية. وقد واجه هذه الكرات الطولية أظهرة ريال مدريد، الذين خسروا العديد من المواجهات الفردية في هذا الجانب، ما سمح لمارسيليا بخلق فرص خطيرة نتيجة المساحات المتروكة في الخلف. كذلك، مع سحب تشواميني وهاوسن وميليتاو إلى مناطق مرتفعة، لم يتمكن ريال مدريد من الفوز بالكرات الهوائية ولا حتى بالكرات الثانية في معظم الأوقات. دي زيربي تصرّف بذكاء في العديد من الحالات، عبر سحب مدافعي ريال مدريد إلى الأمام وإرسال الكرات الطولية في محاولة للتفوق على أظهرة ريال مدريد.
ريال مدريد بخطى تصاعدية
قدّم ريال مدريد مرونة أوضح أثناء الحيازة، إذ بدا الفريق أكثر سلاسة وتفاعلاً بين لاعبيه. ومع ذلك، لا يزال بحاجة إلى الكثير من العمل، مع وجود هامش واضح للتطور. دفاعيًا، تحسّن الفريق في حدة الضغط والضغط العكسي، مع امتلاكه دفاعًا وقائيًا جيدًا للغاية. غير أن الفريق يحتاج إلى التنازل عن نظام الدفاع رجل لرجل والتحول إلى أسلوب هجين يجمع بين دفاع الرجل لرجل ودفاع المنطقة، لأن الأمر سيكون بالغ الصعوبة عند مواجهة أندية تمتلك عناصر قوية قادرة على التعامل مع هذا النظام.