تعثر اول وعلامات استفهام
شهدت المباراة الأخيرة بين برشلونة ورايو فاييكانو العديد من التقلبات والصعوبات التي واجهت الفريق الكتالوني، وطريقة تعامله معها خلال مجريات اللقاء. وفيما يلي سنسلّط الضوء على أبرز الإشكالات الفنية والأفكار التكتيكية التي ظهرت في المواجهة، لكن قبل ذلك سنتوقف عند بعض الأرقام التاريخية بين الفريقين
تاريخ المواجهات بين الفريقين
يميل التاريخ بين الفريقين بوضوح إلى برشلونة، حيث التقى الطرفان أكثر من 40 مرة في الدوري الإسباني، نجح خلالها برشلونة في تحقيق أكثر من 30 انتصارًا، فيما استطاع رايو فاييكانو أن يحقق بعض النتائج المفاجئة التي ما زالت عالقة في الأذهان، أبرزها الفوز في موسم 2021-2022 على ملعبه، والذي حرم برشلونة من مواصلة سلسلة انتصاراته وأكد صعوبة ملعب فاييكانو على كبار الفرق، إذ سجّل رايو في شباك البارسا رغم تفوّق الأخير من حيث الاستحواذ والفرص، لكن ذلك لا يقلّل من محاولات رايو المتكرّرة لتقديم أداء قتالي أمام أحد عمالقة الكرة الإسبانية
وشهدت المباريات بينهما لحظات لامعة لبرشلونة، مثل الفوز بنتيجة كبيرة في موسم 2014-2015 حين تألّق الثلاثي ميسي، نيمار، وسواريز، وسجّلوا خمسة أهداف كاملة، كما يُعد ليونيل ميسي من أبرز هدّافي هذه المواجهة، إذ دوّن أكثر من 20 هدفًا في شباك رايو فاييكانو، فيما من جانب رايو برز راداميل فالكاو الذي تمكّن من هزّ الشباك في مواجهة كانت من أبرز محطات الفريق المدريدي، وكان أحد مفاتيح الانتصار الثمين في لقاء موسم 2021-2022
حتى في كأس الملك، ظل برشلونة الطرف الأكثر تفوقًا، حيث التقى الفريقان في البطولة أكثر من 10 مرات، فاز برشلونة في الغالبية الساحقة منها، فيما حقّق رايو فاييكانو انتصارًا وحيدًا وفرض التعادل في أكثر من مناسبة على ملعبه، وهذا يعكس أن رايو رغم فارق التاريخ والإمكانات لا يستسلم بسهولة، بل يسعى دائمًا إلى مقارعة الكبار. لذلك، فإن هذه المواجهة ليست مجرد فرصة لبرشلونة لتعزيز أرقامه، بل أيضًا اختبار لشخصية رايو أمام أحد أعظم فرق إسبانيا
بناء برشلونة والمشكلة
اعتمد برشلونة على نمطٍ محدد مألوف، تمثّل في تراجع ثنائي الوسط (بيدري / دي يونغ) إلى مناطق أعمق لاستدراج ضغط لاعبي رايو، مع توسيع عرض الملعب بواسطة قلبي الدفاع (غارسيا / كريستنسن) لتوجيه كرات عمودية إلى العمق نحو توريس أو أولمو، أو تفعيل الأجنحة عبر تمريرات عمودية باتجاه الطرف
ولكن تكمن المشكلة هنا في اعتماد فريق برشلونة على الكرة العمودية واللعب الطولي فقط؛ إذ يحتاج الفريق إلى مساحات على طول الملعب، ولكن مع إغلاق هذه المساحات، تحدث المشكلة في مرحلة بناء برشلونة
اعتمد رايو فاييكانو، لهذا السبب، على استدراج لاعبي برشلونة إلى فخاخ الضغط على الأطراف، مع إحكام إغلاق العمق الدفاعي عبر تشكيل جدار ثلاثي متقارب المساحات، الأمر الذي حدّ بشكل كبير من خيارات التمرير العمودي وأفقد برشلونة القدرة على الخروج المنظَّم بالكرة
سوف نوضّح الفكرة أكثر في الحالة القادمة
نلاحظ هنا توجيه فريق رايو فاييكانو لاعبي برشلونة الي الطرف
يُلاحظ هنا تمركز ثلاثي لاعبي رايو فاييكانو على خط واحد، مع تقاربٍ شديد في المسافات بينهم، بهدف إغلاق أي مسارٍ للتمرير العمودي انطلاقًا من قلب الدفاع. في هذه اللحظة، اصطدمت الكرة بأحد لاعبي رايو فاييكانو، لتتحول إلى فرصةٍ بالغة الخطورة، لولا غياب اللمسة الأخيرة الحاسمة
فكرة فليك لمحاولة حل المشكلة
حافظ الفريق على النهج ذاته خلال الثلثين الأول والثاني من المباراة، مرتكزًا على الكرات الطولية خلف خط دفاع رايو فاييكانو، بهدف استغلال تمركز مدافعي الخصم الناتج عن تفعيل مصائد الضغط، وهو ما أسفر عن فتح مساحات حرة يمكن البناء عليها في التحولات الهجومية
جاءت الفكرة واعدة من الناحية الهجومية، غير أنّ تنفيذها افتقر إلى الدقة والتركيز من توريس ورافينيا، اللذين ارتكزت عليهما المنظومة بشكل كامل في بناء الهجمة وتحويلها إلى تهديد فعّال على المرمى
سوف نوضّح الفكرة أكثر في الحالة القادمة
يتضح هنا الضغط العالي الذي يمارسه رايو فاييكانو، كما أشرنا سابقًا، فيما يعمل غارسيا على توسيع عرض الملعب لتهيئة المساحة المثالية لإرسال كرة طولية تخترق خطوط المنافس
تحرّك توريس بذكاء لاستغلال المساحة خلف خطّ الدفاع، بعد عملية تثبيت ناجحة لقلوب الدفاع، الأمر الذي أسفر عن تشكّل فرصة هجومية واعدة. غير أنّ الافتقار إلى الدقة في الثلث الهجومي الأخير من قِبل لاعبي برشلونة أحبط تفعيل الفكرة ومنع ترجمتها إلى هدف محقّق
كانت الفكرة واعدة من الناحية التكتيكية، غير أنّ الاعتماد عليها وحدها بدا صعبًا بفعل عامل الوقت، إذ تتطلب تحرّك اللاعب في التوقيت المثالي وإرسال الكرة بدقة في اللحظة المناسبة. إلا أنّ ضغط رايو المكثّف قلّص المساحات وألغى عامل الزمن، ما جعل تمرير الكرة في ذلك الإطار صعبة
اقتراح لحل المشكلة
يتعيّن على برشلونة توسيع استغلاله لعرض الملعب بشكل أكبر، لمواجهة فخاخ الضغط التي يعتمدها رايو، إذ تُخلِّف هذه الآلية مساحات جانبية يمكن من خلالها تدوير الكرة والخروج المنظّم من مناطق الضغط
سوف نوضّح الفكرة أكثر في الحالة القادمة
في هذه الحالة، تتوافر مساحة واسعة على امتداد عرض الملعب أمام بالدي، غير أنّ المنظومة لا تستثمرها بالشكل المطلوب
ضغط برشلونة وحل رايو للخروج من ضغط
مع انطلاقة الشوط الأوّل، فرض برشلونة ضغطًا عاليًا ناجحًا، مدعومًا بتعديلات واضحة مقارنة بآخر مباراتين، مكنته من افتكاك الكرة في مناطق متقدّمة وخطيرة. غير أنّ رايو تدارك الموقف سريعًا، بالتحوّل إلى اللعب المباشر عبر كرات عالية على الأطراف، مستثمرًا المساحات خلف خطّ الدفاع لإبطال فاعلية الضغط الكتالوني
سوف نوضّح الفكرة ضغط برشلونة أكثر في الحالة القادمة
أجرى برشلونة تعديلًا جوهريًا على منظومة الضغط، بالتحول إلى الرسم (4-2-1-3)، مع دفع ثلاثي هجومي في المقدمة لإغلاق زوايا التمرير على حارس رايو وحرمانه من الوقت الكافي لبناء اللعب. بالتوازي، تحرّك بيدري بجوار دي يونغ لتضييق المساحات وقطع خطوط الإمداد، مما منح الفريق هيكلًا أكثر تماسكًا ومنع تدرّج على رايو
لجأ رايو إلى ارسال الكرات الطويلة خلف الخط الدفاعي، مستغلًّا المساحات الواسعة وراء قلبي الدفاع والأظهرة، وهو ما أتاح له خلق مواقف هجومية خطيرة أربكت المنظومة الدفاعية وهددت المرمى بشكل مباشر
في النهاية، تمَّ استعراض بعضٍ من أفكار المباراة، وليس الكل، فهناك مشكلات أكبر وأكثر، وأتمنى مع الوقت أن يتمَّ حلّه