ريمونتادا ولكن

ريمونتادا ولكن

شهدت المباراة العديد من التقلبات والمشاكل التي واجهت الفريق الكتالوني، وكيفية تعامله معها خلال سير اللقاء. وفيما يلي سنستعرض بعضًا من المشاكل والأفكار التكتيكية الخاصة بالمباراة. لكن أولا سنستعرض بعض الأرقام بين الفريقين

 

تاريخ المواجهات بين الفريقين

التاريخ بين الفريقين يميل بوضوح إلى برشلونة، حيث التقى الطرفان أكثر من 30 مرة في الدوري الإسباني، نجح خلالها برشلونة في تحقيق أكثر من 20 انتصارًا، فيما استطاع ليفانتي أن يحقق بعض الانتصارات المهمة التي ما زالت عالقة في الأذهان، أبرزها الفوز التاريخي بنتيجة 5-4 في موسم 2017-2018، والذي حرم برشلونة من إنهاء الدوري دون هزيمة. وعلى مستوى الأهداف، أحرز برشلونة أكثر من 90 هدفًا في شباك ليفانتي، مقابل عدد أقل بكثير للفريق الخصم، لكن ذلك لا يقلل من محاولاته المتكررة لتقديم أداء قتالي أمام الكبار

وشهدت المباريات بينهما لحظات لامعة لبرشلونة، مثل الفوز بخماسية نظيفة في موسم 2014-2015 حين تألق الثلاثي ميسي، نيمار، وسواريز، كما أن ليونيل ميسي يعتبر ليفانتي أحد أبرز ضحاياه بتسجيله أكثر من 20 هدفًا. ومن جانب ليفانتي، يُعد خوسيه لويس موراليس أبرز هدافي الفريق في مواجهاته ضد برشلونة، إذ تمكن من هز الشباك في أكثر من مناسبة وكان أحد مفاتيح الانتصار التاريخي عام 2018

حتى في كأس الملك، ظل برشلونة الطرف الأكثر تفوقًا، حيث التقى الفريقان في البطولة أكثر من 10 مرات، فاز برشلونة في الغالبية الساحقة منها، فيما تمكن ليفانتي من تحقيق انتصارين فقط أحدهما في نسخة 2019، كما فرض التعادل في أكثر من مناسبة على ملعبه. وهذا يعكس أن ليفانتي رغم فارق التاريخ والإمكانات لا يستسلم بسهولة، بل يسعى دائمًا إلى مقارعة الكبار. لذلك، فإن هذه المواجهة ليست مجرد اختبار لبرشلونة لتعزيز أرقامه، بل أيضًا فرصة لليفانتي لإثبات شخصيته أمام أحد أعظم فرق إسبانيا

فكرة هانز فليك في الثلث الثاني والاخير في الشوط الأوّل

اعتمد فليك في الثلث الثاني على شكل أقرب إلى (2-4-4)، بوجود بيدري وكاسادو كمحور مزدوج، ودخول جارسيا وبالدي إلى عمق الملعب، وفتح الملعب بوجود يامال وراشفورد، مع ثنائي في العمق: رافينيا وفيران توريس

في المقابل، لجأ ليفانتي إلى تنظيم أقرب إلى (5-4-1)، حيث تمركز بخط دفاع خماسي عريض لتغطية عرض الملعب ومنع برشلونة من إيجاد مساحات عند نقل الكرة من جهة إلى أخرى. أما رباعي خط الوسط، فقد لعب بأدوار مضغوطة ومتقاربة، ما ضيّق الخناق على محاور لعب برشلونة، وجعل عملية الاختراق عبر العمق أكثر صعوبة

في الثلث الأخير اعتمد فليك على تجميع اللعب في جانب واحد من الملعب، ثم تفعيل أنماط مدروسة من التحركات والتبادلات الثنائية بين اللاعبين لخلق التفوق العددي واستغلال المساحات. وعندما كانت الكرة تتمركز في الجبهة اليمنى، كان كاسادو ورافينيا يتحركان في اتجاه يامال وجارسيا، إلا أنّ الكثافة العددية التي فرضها الخصم على هذا الجانب، مع إغلاق زوايا التمرير وتضييق المساحات، حدّت من قدرة برشلونة على إيجاد الفواصل اللازمة لاختراق الخط الدفاعي

أمّا في الجهة المقابلة، فقد تحرّك بيدري ليلتحق برافورد وبالدي، في محاولة لفتح المساحات، غير أنّ التفوّق العددي للاعبي ليفانتي في تلك المنطقة حال دون تحوّل هذه التحركات إلى أفضلية هجومية ملموسة

 

فكرة هانز فليك لخلخلة دفاع ليفانتي

أجرى فليك تعديلاً جوهرياً على البنية الخططية بالتحول إلى رسم (2-3-5)، حيث ارتفع رافينيا لاحتلال أنصاف المساحات، فيما تولى بالدي فتح الجبهة اليسرى بكامل عرضها. هذا التحول منح الفريق عمقاً أكبر في البناء الهجومي، مع وجود لاعب إضافي بين الخطوط لخلق تفوق عددي، وبالتالي توسيع زوايا التمرير وتعزيز مرونة الوصول إلى مناطق الخطر

الفكرة الجوهرية من تمركز الثلاثي في العمق تكمن في تثبيت خطوط الدفاع عبر لاعب يشغل أنصاف المساحات، بينما يتحرك الآخر لاختراقها، لتتحول هذه الديناميكية إلى أداة فعّالة في تفكيك تنظيم ليفانتي الدفاعي وخلق مساحات نوعية تُترجم إلى فرص هجومية مباشرة

المشكال التي واجهت فريق فليك في مباراة ليفانتي

المشكلة الاولي

كما أشرنا سابقًا، اعتمد الفريق على تجميع اللعب في الأطراف ومحاولة الاختراق عبرها، غير أنّ هذه الاستراتيجية اصطدمت بتنظيم ليفانتي الدفاعي الذي عمل على تضييق المساحات بشكل متقن. وقد انعكس ذلك في محدودية قدرة برشلونة على إيجاد الحلول في المناطق الضيقة، لاسيما مع ضعف المردود الفني لكاسادو ورافينيا في التعامل مع مثل هذه الوضعيات

استغل ليفانتي محدودية الكثافة الدفاعية لدى المنافس، حيث اعتمد الأخير على رباعي فقط في منظومة الدفاع الوقائي، الأمر الذي فتح مساحات واضحة على الأطراف نتيجة التقدّم المستمر للأظهرة، وهو ما منح لاعبي ليفانتي فرصة لاستغلال العمق الجانبي والتحرك بحرية أكبر في بناء الهجمات المرتدة وخلق تفوق عددي في بعض الأحيان

سوف نوضّح الفكرة أكثر في الحالة القادمة

في هذه الحالة، نجح لاعبي ليفانتي من قطع الكرة، لتظهر مباشرة المساحات الواسعة على الأطراف. ويُلاحظ أن برشلونة اعتمد فقط على رباعي في التغطية الدفاعية الوقائية، وهو ما كشف هشاشة التمركز الدفاعي وترك الفراغات قابلة للاستغلال من قِبل المنافس

بالفعل، استغل ليفانتي المساحة بنجاح، وتم خلق موقف اثنين ضد واحد على كوبارسي، ولولا تصرّف لاعب ليفانتي السيّئ، لكانت هجمة خطيرة لليفانتي

المشكلة لن يتم حلّها، لأنها مشكلة في الأسلوب ذاته، لكن تمّ تقليل حدوثها بفضل نزول لاعبين مميزين في المساحات الضيقة، مما يجعل الحفاظ على الكرة في مناطق متقدمة أمرًا أسلس بطبيعة الحال

المشكلة الثانية

استغلّ ليفانتي اعتماد برشلونة على نظام دفاعي ضيّق، حيث قام الجناح بالدخول إلى العمق لسحب بالدي معه، الأمر الذي أفقد الأخير القدرة على القيام بالتحوّل السريع نحو التغطية العرضية، وترك مساحة خالية على الأطراف استثمرها ظهير ليفانتي بفاعلية

سوف نوضّح الفكرة أكثر في الحالة القادمة

نلاحظ هنا اندفاع غارسيا للضغط على الطرف، مما أدى إلى وجود مساحة خلفه استغلها لاعبو ليفانتي بالقيام بالـ"وان تو" وتحرك لاعب خلف المساحة. ونلاحظ أيضًا جذب جناح اليمين لليفانتي لبالدي، وتفريغ مساحة على الطرف

وسنلاحظ أيضًا تحرّك المهاجم بشكلٍ قطريٍّ ليتحرّر من الرقابة، ممّا أنتج هدفًا لليفانتي

هذه المشكلة تكرّرت أكثر من مرة في لقائي ليفانتي ومايوركا، ويجب على الفريق إيجاد حلول لهذه الأزمة

 

في الخاتمة تحقيق الفريق لـ"ريمونتادا" لا يعني أنّه خالٍ من الثغرات؛ فما زالت هناك نواقص واضحة على المستويين التكتيكي والتنظيمي، سواء في التمركز الدفاعي أو في استثمار الفرص الهجومية. ومع ذلك، يظل الرهان قائمًا على قدرة المدرب في معالجة هذه الاختلالات ورفع جودة الأداء الجماعي للفريق