تعتبر مهارة التصويب أحد العناصر الرئيسية التي تحدد فاعلية اللاعب في ملعب كرة القدم، حيث يعتمد الأداء الفعّال في هذه المهارة على العديد من الجوانب البدنية والفنية، ومن بين هذه الجوانب يأتي تحليل النشاط الكهربي العضلي كمفتاح لتحسين أداء اللاعب لتنفيذ هذه المهارة والاستفادة من نقاط القوة والضعف خلال الأداء.
وتساهم مهارة التصويب في كرة القدم بشكل كبير في تحسين أداء الفريق وتحقيق الأهداف. وفيما يلي توضيح لأهمية مهارة التصويب في كرة القدم:
تكمن أهمية مهارة التصويب في قدرة اللاعب على تحويل الفرص إلى أهداف. فرغم أن الفريق قد يسيطر على اللعب، إلا أن القدرة على إحراز الأهداف تعتبر العامل الحاسم في تحقيق الفوز.
الفريق الذي يمتلك عناصر قوية تجيد الاعتماد على مهارة التصويب يخلقون تهديدًا دائمًا على مرمى الخصم، يعتبر ذلك تهديدا حقيقي للخصم مما يجبر الفريق الخصم على التركيز الدفاعي والإعتماد على استراتيجيات التصدي للتصويبات.
قد يحدث تصويب دقيق في لحظة معينة يغير مجرى المباراة بشكل كامل. وبالتالي قد يكون هذا العامل من العوامل المؤثرة في تحقيق الفوز مع التأثير النفسي الايجابي للفريق الذي يؤثر على عزيمة الخصم.
في البطولات والمنافسات الهامة، تكون مهارة التصويب هي العامل الذي يمكن الفريق من الفوز في مواجهات قد تكون متكافئة، بالاضافة ان مهارة التصويب تلعب دورًا حاسمًا في تحديد نتائج المباريات وزيادة فرص الفوز.
وبذلك تظهر أهمية مهارة التصويب واضحة في تحقيق الأهداف وتحديد نتائج المباريات، وهي عنصر لا غنى عنه في تكوين فريق ناجح في عالم كرة القدم، ولكن هناك بعض العوامل التي تؤثر في تصويب الكرة حيث تتطلب مهارة التصويب الى مزيجًا من الدقة والقوة والاتجاه الصحيح، الامر الذي يساهم في تحسين تنفيذ هذه المهارة. ومما سبق يمكن لنا تحليل للعوامل المؤثرة في تصويب الكرة وهي:
تتطلب مهارة التصويب الدقة وهي مهارة فردية عالية، حيث يحتاج اللاعب إلى تنسيق حركات القدمين والجسم بشكل دقيق أثناء التصويب، وذلك من خلال استخدام اللاعب وجه القدم الداخلي أو الخارجى على حسب موقف اللعب، وهذا يؤثر على مدى دقة التصويب وقوة التسديدة علي المرمى.
يعتمد إحراز هدف قوي على كفاءة استغلال قدرات اللاعب الجسدية، بما في ذلك استخدام العضلات بفعالية وضرب الكرة بقوة. وذلك يرتكز بشكل كبير علي وضعية اللاعب بشكل صحيح لزيادة القوة من خلال تحضير الجسم واستخدام القدمين بشكل صحيح.
يجب على اللاعب أن يحدد هدفه قبل التصويب ويستهدف منطقة معينة في المرمى لضمان دقة التسديد، وذلك يتطلب من اللاعب القدرة على التحكم في اتجاه الكرة من خلال وضعية القدم وزاوية التصويب.
يجب على اللاعب أن يتأقلم مع هذه الظروف البيئية كالرياح، والمطر، وحالة الملعب والتي قد تؤثر على حركة الكرة، بالاضافة الى انه يجب على اللاعب التعامل مع ضغط المباراة للحفاظ على تركيزه أثناء أداء مهارة التصويب.
يجب تدريب اللاعب على اداء مهارة التصويب بشكل مستمر بالعتماد علي تدريبات القوة العضلية مما يحسن ويزيد من انتاج القوة خلال أداء مهارة التصويب، وذلك بالاعتماد علي تكرار التمارين التي تشمل التصويب من مواقف مختلفة وتحت ضغوط متغييرة تعزز الدقة والتحكم في الكرة.
ومن هنا يتضح لنا أن مهارة التصويب في كرة القدم تجمع بين الدقة والقوة واتجاه الكرة، وفهم كيفية تأثير كل هذه العوامل يمكن للاعب أن يطور مهارته ويصبح فعّالًا في تحقيق الأهداف. من خلال التدريب المستمر والتركيز على هذه العوامل، يمكن للاعب تحسين تصويبه وزيادة فاعليته في المباريات.
ولكي تكتمل لدينا الصورة بشكل اكثر دقة يجب علينا التعرف على مراحل تنفيذ مهارة التصويب في كرة القدم وكيف تتفاعل العضلات المسؤولة عن اتمام المهارة خلال هذه المراحل. والآن دعونا نتعرف سويا على مراحل تنفيذ مهارة التصويب في كرة القدم، حيث تمر مهارة التصويب في كرة القدم عبر مراحل متعددة، وكل مرحلة تتطلب تفاعلًا دقيقًا من العضلات لضمان نجاح الحركة بشكل جيد
يبدأ اللاعب بالتحضير للتصويب بتحديد وجهة الكرة واستهداف المرمى. ويكون وضع القدم مهمًا لتحقيق توازن جيد وتوجيه القوة بشكل صحيح، وفي هذه المرحلة يتم الاعتماد علي عضلات البطن والظهر تلعب دورًا في توفير استقرار وثبات أداء اللاعب أثناء التمهيد لتنفيذ المهارة، وكذلك تتعاون عضلات الفخذ والساق في الحفاظ على توازن اللاعب وضبط وضع الجسم، مما يؤثر إيجابًا على دقة وثبات التصويب.
يقوم اللاعب بمرجحة الرجل الراكلة للخلف، استعدادًا لركل الكرة. ويشمل هذا الإجراء تحريك الذراعين وتوجيههما نحو الكرة لزيادة قوة التصويب، وفي هذه المرحلة يتم الاعتماد على عضلات الفخذ الخلفية للتحضير للتسديد، وكذلك عضلات الأكتاف والذراعين تشارك في رفع الذراعين والتوجيه نحو الكرة. ولهذا فان تنشيط هذه العضلات بشكل صحيح يزيد من القوة والسرعة التي يمكن تطبيقها على الكرة خلال التسديد.
يتم ركل الكرة من خلال استغلال الحركة الرجوعية للرجل الراكلة حيث يتم السيطرة على اتجاه الكرة عن طريق تحديد نقطة اتصال القدم مع الكرة، وفي هذه المرحلة تعمل العضلات الامامية في الفخذ والركبة بشكل قوي في لحظة ركل الكرة بالاضافة الى عضلات الساق الأمامية تلعب دورًا في توجيه الكرة ولذلك فان تنشيط تلك العضلات في هذه المرحلة يحدد مدى قوة ودقة الركلة واتجاه الكرة.
بعد التصويب، يقوم اللاعب بمتابعة حركة الكرة والتأكد من اتجاهها المناسب. وهذه المرحلة تستمر عضلات الركبة والفخذ في العمل لتوجيه الجسم نحو الكرة بالضافة الي العضلات المركزية في منطقة الجذع تلعب دورًا في الاستقرار أثناء المتابعة. ولذا فإن تنشيط هذه العضلات أثناء المتابعة يؤثر في قدرة اللاعب على الحفاظ على توازنه وتوجيهه بشكل صحيح نحو الكرة.
ومما سبق نستخلص أن تنشيط العضلات المناسبة في كل مرحلة من مراحل تصويب الكرة يؤثر بشكل مباشر على جودة التصويب. لذا فإن التدريب المستمر والتركيز على تنشيط العضلات المسؤولة عن تنفيذ مهارة التصويب يمكن أن يساهم في تحسين أداء اللاعب في هذه المهارة الحاسمة في كرة القدم.
وبعد أن تناولنا بالشرح والتوضيح أهمية مهارة التصويب في كرة القدم والعوامل المؤثرة عليها وكذلك تحديد العضلات العاملة خلال مراحل الاداء الخاصة بها، يأتي الدور الآن للتعرف علي النشاط الكهربي العضلي والذي يشير إلى التحركات الكهربائية الناتجة عن الأنشطة العضلية في الجسم. هذا النشاط يظهر بشكل خاص عندما تقوم العضلات بالانقباض والانبساط أثناء الحركة. ويتم تنظيم النشاط الكهربي العضلي بواسطة إشارات كهربائية تُرسل من الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والحبل الشوكي) إلى العضلات عبر الألياف العصبية.
فعندما يحدث انقباض عضلي، يتم إرسال إشارات كهربائية عبر الألياف العصبية إلى العضلات، وهذا يتسبب في تحرك الأيونات داخل الألياف العضلية، مما يؤدي إلى تغيير في الجهد الكهربائي على سطح الجلد. هذا التغيير يمكن قياسه باستخدام جهاز يُعرف بالتخطيط الكهربي للعضلات أو الإلكتروميوجراف ويرمز له ب (EMG).
ويعتبر جهاز الإلكتروميوجراف (EMG) من أكثر الوسائل شيوعًا لقياس النشاط الكهربي العضلي عن طريق تثبيت الأقطاب الكهربائية على سطح الجلد فوق العضلة المستهدفة ويقوم الجهاز بتسجيل التغيرات في التوتر الكهربائي أثناء انقباض واسترخاء العضلة.
وبعد ان تعرفنا على مفهوم النشاط الكهربي العضلي وطريقة عمله، وهنا قد يسائل سأل ما هو وجه الاستفادة من قياس وتحليل النشاط الكهربي العضلي والاستفادة منه في مجال كرة القدم عموما وفي مهارة التصويب بشكل خاص، ولكي يتم الرد عن هذا التساؤل تابع معي وسيتم الرد في السطور القادمة باذن الله
تحليل النشاط الكهربي في كرة القدم يوفر فهمًا عميقًا حول كيفية استجابة العضلات للتحفيز العصبي أثناء مختلف الحركات والتحركات في الملعب ويمكن أن يكون تحليل النشاط الكهربي العضلي مفيدًا جدًا لتقييم أداء اللاعب وتحديد نقاط القوة والضعف، وذلك من خلال عدة طرق أهمها:
يساعد تحليل النشاط الكهربي العضلي في فحص تناسق العضلات أثناء الحركات المختلفة. حيث أن ارتفاع النشاط الكهربي يمكن أن يشير إلى التفاعل الجيد بين العضلات، في حين قد يشير التفاعل الضعيف إلى احتمالية وجود توازن غير فعال بين هذه العضلات.
يمكن استخدام تحليل النشاط الكهربي العضلي لتقييم التوازن بين العضلات المتنوعة. فقد يشير الفارق في النشاط الكهربي بين عضلات معينة إلى وجود فجوة في التوازن العضلي.
يمكن تحليل النشاط الكهربي العضلي أثناء حركات معينة لفحص نمط الحركة والتحقق من صحتها.فمثلا، يمكن تحليل مهارة تصويب الكرة لتقديم معلومات حول كفاءة وفعالية تلك المهارة.
تحليل النشاط الكهربي العضلي يمكن أن يساعد في فحص مستوى الإرهاق العضلي بعد التمرين أو المباراة. حيث أن الزيادة في النشاط الكهربي يمكن أن يشير إلى حمل زائد على العضلات، مما يمكن من اتخاذ الإجراءات الوقائية.
تحليل النشاط الكهربي العضلي يمكن أن يعطي فكرة حول قوة العضلات وكفاءتها في أداء مهام معينة. حيث يمكن تحليل النشاط أثناء حركات الجري أو الوثب أو التصويب لتحديد مدى قوة العضلات.
وبذلك يُعتبر تحليل النشاط الكهربي العضلي أداة قوية لفحص أداء لاعبي كرة القدم وتحديد النقاط القوة والضعف. ويمكن استخدام هذه المعلومات لتحسين البرامج التدريبية وتحسين أداء اللاعبين بشكل فعّال.
وفي هذا الصدد نضع بين ايديكم دراسة حالة اجراها الكاتب بعنوان "النشاط الكهربي لعضلات الطرف السفلي أثناء أداء مهارة ركلة الجزاء في كرة القدم وعلاقته ببعض المتغيرات البيوميكانيكية"
تحليل أهم عضلات الطرف السفلي لحظة ضرب الكرة بوجه القدم لمهارة ركلة الجزاء في كرة القدم لفهم التنسيق العضلي والقوة المستخدمة بالاضافة الي ايجاد العلاقة بين النشاط الكهربي لعضلات الطرف السفلي لحظة ضرب الكرة بوجه القدم والمتغيرات البيوميكانيكية الزاوية لمهارة ركلة الجزاء في كرة القدم.
استخدام جهاز التخطيط الكهربي لتسجيل النشاط الكهربي لعضلات الطرف السفلي لحظة ضرب الكرة بوجه القدم لمهارة ركلة الجزاء في كرة القدم ومن ثم تحليل النتائج لتحديد العضلات التي تظهر نشاطًا عاليًا خلال تنفيذ ركلة الجزاء في كرة القدم وتقييم توقيت النشاط العضلي.
توفير فهم عميق حول كيفية تنسيق العضلات وتفاعلها خلال تنفيذ مهارة ركلة الجزاء في كرة القدم، مما يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف لدى اللاعبين، حيث أظهرت نتائج هذه الدراسة أن العضلة النعلية اليمنى هي العضلة الأكثر نشاطاً من حيث المساهمة في أداء المهارة حيث تعتبر العضلة الرئيسية الباسطة لمفصل الكاحل بشكل أساسي ويساعدها في ذلك العمل العضلي العضلة التوأمية وتعمل علي بسط مفصل الكاحل خلال لحظة ركل الكرة بوجه القدم الامامي.
ومما سبق ذكره نجد انه بالاعتماد على تحليل النشاط الكهربي العضلي، يمكن للمدربين أن يكونوا أكثر فعالية في تصميم برامج تدريب مُكيفة وفعّالة لتحسين مهارة التصويب لدى لاعبي كرة القدم، حيث يمكن لتحليل النشاط الكهربي العضلي تحديد العضلات التي تشارك بشكل أكبر أو أقل خلال تنفيذ مهارة التصويب وبالتالي يساعد في تحديد نقاط القوة التي يمكن تعزيزها والضعف التي يمكن تحسينها لتحسين الأداء.