خماسية أتلتيكو تهز شباك ريال مدريد وتوقف انتصاراته
أقيم ديربي مدريد أمس بين ريال مدريد وأتلتيكو مدريد على ملعب سيفيتاس ميتروبوليتانو في أجواء نارية كالمعتاد، حيث دخل الفريقان اللقاء بطموحات كبيرة؛ ريال من أجل تثبيت موقعه في الصدارة، وأتلتيكو من أجل تقليص الفارق مع غريمه التقليدي. المباراة جاءت قوية وسريعة الإيقاع، مليئة بالندية والإثارة، وشهدت تقلبات في النتيجة قبل أن يحسمها أتلتيكو لصالحه بفوز كبير منح جماهيره ليلة استثنائية، بينما تلقى ريال هزيمته الأولى هذا الموسم.
مشاكل الخروج بالكرة مع كورتوا
من المعروف أنّ كورتوا حارس ضعيف بالقدمين، خصوصاً تحت الضغط. لا يمتلك الجودة أو دقة التوجيه، بل يعتمد فقط على قوة الإرسال. في المباريات التي يكون فيها الضغط قوي، يضطر الفريق إلى اللجوء لحارس المرمى كخيار إضافي لمحاولة التفوق عددياً على الخصم، هذا يُعني أن البناء يبدأ من مناطق منخفضة أكثر مع مشاركة الحارس بشكل أكبر. لكن الغريب أنه في هذه الحالات، ورغم امتلاك كورتوا لخيارات تمرير واضحة، يفضل كورتوا إرسال كرات طولية بلا معنى، تؤدي إلى فقدان الاستحواذ بسهولة. هذا السلوك قد يسبب مشكلات كبيرة للفريق أثناء الحيازة، خصوصاً في المباريات الكبرى أمام الضغط العالي، لأن كورتوا يفتقد جودة التمرير ودقة التوجيه، ويعتمد فقط على الكرات الطويلة القوية. وما يزيد الوضع سوءاً أن ريال مدريد لا يملك مهاجماً طويل القامة قادراً على الفوز بهذه الكرات في الصراعات الهوائية.
البناء المنخفض في ريال مدريد
إلى جانب مشكلة كورتوا بالكرة، ورغم أن الفريق في المباريات السابقة كان يتمتع غالباً برفاهية البناء من مناطق مرتفعة، إلا أنه في المباريات الكبرى سيُضطر أحياناً إلى البناء من مناطق منخفضة. ومنذ بداية الموسم يتجنب ريال مدريد هذا النمط بسبب ضعف تركيبة الوسط. في مباراة أتلتيكو، فشل الفريق في معظم الحالات بسبب أن المسافات بين اللاعبين كانت واسعة، ما جعل خيارات التمرير أمام حامل الكرة قليلة بل مستحيلة، ومع الضغط من أفراد أتلتيكو، لم يكن لدى حامل الكرة الوقت الكافي لانتظار تحرك الزملاء، فكان يلجأ إلى الكرات الطويلة التي خسرها الفريق.في هذه الحالات كان هاوسن يستلم الكرة من كورتوا، لكنه لا يجد خيارات متاحة للتمرير بسبب بُعد المسافات بينه وبين لاعبي الوسط، غير أنهم غير قادرين على أداء هذه المهمة من الأساس. ومع تمركز جود بيلينغهام في مناطق مرتفعة، لم يكن لدى هاوسن وقت كاف للانتظار بسبب ضغط أتلتيكو المحكم وإغلاقه لمسارات اللعب، لم يجد سوى اللجوء إلى الكرات الطولية. هذه المشكلة عانى منها ريال مدريد طوال اللقاء.
مشكلة الحيازة في ريال مدريد
تحدثنا مراراً وتكراراً عن مشكلة الحيازة في ريال مدريد بسبب عدم تناسب تركيبة الوسط مع مبادئ لعب تشابي ألونسو. يعتمد الفريق على بناء اللعب من مناطق مرتفعة عبر تثبيت أحد الأظهرة بجوار قلوب الدفاع وصعود الظهير الآخر لفتح الخط، مع وجود ثنائي وسط في العمق لاستقبال اللعب. تكمن المشكلة في أن فالفيردي وتشواميني يتحركان بشكل خاطئ كخيارات تمرير وبوضعيات جسد سيئة، ناهيك عن عدم قدرتهما على اللعب بظهرهما والدوران لكشف الملعب وتقديم التمريرات العمودية. ونتيجة لذلك، يكون خيارهما الوحيد عند الاستلام إعادة الكرة للخلف مجدداً، وهو ما يؤثر سلباً على حيازة الفريق، إذ يصبح اللعب رتيباً ومشلولاً، وتضيع الاستفادة من اللاعبين المتواجدين بين الخطوط مثل أردا غولر وجود بيلينغهام. لذلك، ريال مدريد بحاجة إلى الاستغناء عن أحد الثنائي أو كليهما، وإشراك داني سيبايوس وكامافينغا. عندها سيتحسن الفريق على مستوى الحيازة، وسيصبح أكثر سرعة وفاعلية في التحركات، واللعب، وتدوير الكرة.
توضيحاً لما سبق، عادةً ما يكون خيار تشواميني الأول عند استلام الكرة بظهره هو إعادتها مرة أخرى للخلف. في لقطة الهدف الأول، فتح تشواميني جسده بعد الاستلام لكشف الملعب، فوجد أمامه خيارات تمرير عمودية متاحة مما يجعل اللعب أسرع وأفضل، مرر الكرة لمبابي، ثم تفاعل مبابي مع أردا غولر عبر تمريرات سريعة انتهت بتسجيل هدف. هذه الحالة لم تتكرر سوى مرة واحدة تقريباً، وهو ما يبرز أهمية وجود لاعب قادر على القيام بهذا الأمر مرات عديدة خلال المباراة، إذ سيجعل الحيازة أفضل وسيكون اللعب أكثر سرعة وفاعلية، كما ستصبح تحركات الفريق ممتازة. أما مع تشواميني وفالفيردي، فنادراً ما تحدث مثل هذه الحالات، وهو ما يفسر معاناة الفريق المستمرة في الحيازة.
لماذا تؤثر تركيبة الوسط بالسلب على شكل الفريق؟
في المباريات السابقة اضطر اللاعبون بين الخطوط مثل أردا، فرانكو، وأحيانًا مبابي إلى النزول لمناطق متأخرة لمساعدة الفريق على الخروج بالكرة، وذلك بسبب غياب الدور الفعّال لثنائي الوسط في هذا الأمر. ومع نزول أردا أو فرانكو ومبابي يخسر الفريق لاعب في العمق بين الخطوط أو لاعب هجومي بشكل عام. في مباراة أتلتيكو، كان أردا غولر يضطر أحياناً للنزول لاستلام الكرة من مناطق متأخرة، وهو ما ترتب عليه غياب لاعب في العمق لاستلام التمريرات، إضافةً إلى شلل الجهة اليمنى تماماً، حيث كان كارفخال وحيداً في الحالة الهجومية من دون أي مساندة. ريال مدريد يعاني من مشاكل واضحة أثناء الحيازة، وهي مشاكل ليست بالهيّنة تؤثر على شكل الفريق ككل، وعلى تمركزات الأفراد، وعلى حيازة الفريق من حيث السرعة والتنوع.
تغييرات سلبية في الشوط الثاني
الحقيقة أن تغييرات تشابي ألونسو في الشوط الثاني أثّرت سلباً على الفريق وأفقدته الحلول الهجومية. كان من الأفضل أن يبقى أردا غولر في الملعب، ومع خروج كارفخال كان ينبغي ترحيل فالفيردي للعب كظهير أيمن، مع تثبيت راؤول أسينسيو كقلب دفاع، وإشراك كامافينغا بدلاً من تشواميني، ورودريغو بدلاً من جود بيلينغهام. في هذه الصورة يتواجد راؤول أسينسيو كظهير أيمن، وهو غير مؤهل هجومياً لهذا المركز، مع وجود فالفيردي وتشواميني كقلبي دفاع، وترحيل هاوسن كظهير أيسر مكان كايراس الذي كان يتمركز بين الخطوط في العمق. أما مبابي فكان يضطر للنزول إلى مناطق متأخرة، ومعه رودريغو على الجهة اليسرى، في حين شكل فينيسيوس وفرانكو ثنائياً هجومياً. هذه التغييرات أثرت سلباً على شكل الفريق وتمركزاته داخل الملعب، بل زادت من مشاكله في الحالة الهجومية بدلاً من أن تقدّم حلولاً من دكة البدلاء
أتلتيكو مدريد يكسر ضغط ريال مدريد
اعتمد أتلتيكو مدريد في أغلب الأحيان على كسر ضغط ريال مدريد بفكرة توجيه اللعب نحو الجهة اليسرى ثم نقل الكرة سريعاً إلى الجهة المعاكسة لاستغلال سرعات ليورنتي في المساحة. هذه الفكرة كانت تستهدف سحب ضغط ريال مدريد إلى جهة معينة لتفريغ مساحات للجهة المعاكسة، مستفيداً من عملية ترحيل لاعبي ريال مدريد. في هذه الحالة نجح الفريق بالفعل في تطبيق الفكرة لكن إرسال الكرة نحو ليورنتي كان سيء.
وفي حالة أخرى مشابهة، استعاد أتلتيكو الكرة من ريال مدريد ثم بدأ عملية النقل التدريجي من الجهة اليسرى إلى اليمنى، ونجح هذه المرة في الخروج من الضغط بشكل سريع وفعال، مما سمح له بصناعة مواجهة عددية 2 ضد 1 على ظهير ريال مدريد مع وجود مساحات واسعة تمكّن الفريق من استغلالها في الحالة الهجومية.
اللعب بين خطوط ريال مدريد
الحقيقة أن أتلتيكو مدريد منذ بداية الموسم يُعد فريقاً جيداً في الاستحواذ على الكرة، حيث يظهر تفاعلاً ممتازاً بين عناصره داخل الملعب، إلى جانب تنوعه الهجومي من خلال تقديم العديد من الأفكار والأدوار المركبة. هو فريق قادر على صناعة الفرص بطرق متعددة، وإن كانت النتائج لا تعكس دائماً جودة أدائه الفعلي. أمام ريال مدريد، لعب أتلتيكو بكل أريحية بين الخطوط وتمكن من كسر الضغط بعدة طرق، وتكررت هذه الحالة مرات عديدة حيث كان يتوفر دائماً خيار تمرير لحامل الكرة بين الخطوط، والأفضل من ذلك أن يكون مستلم الكرة لاعب مثل خوليان ألفاريز. أتلتيكو مدريد قدم مباراة ممتازة في الخروج بالكرة، وكسر الضغط، واللعب بين الخطوط، وصناعة فرص عديدة بطرق مختلفة.
مباراة يجب أن تكون درساً لتشابي ألونسو وليس فقط مجرد هزيمة، حيث يتعين عليه التوقف عند أخطائه وقناعاته. الفريق ظهر رتيباً ويعاني أثناء الحيازة، ولا يوجد الكثير من الحلول مع هذه التركيبة في خط الوسط. ريال مدريد بحاجة إلى لاعب مبدع في وسط الملعب، الفريق يحتاج إلى تفاعل اكبر وفريق ديناميكي أكثر وأسرع في اللعب.مباراة أتلتيكو مدريد كانت الاختبار الحقيقي الأول في الليغا، حيث برزت مشاكل الفريق في الحيازة بشكل أكبر ، بالإضافة إلى مشكلات في الضغط، والصراعات، والمواجهات، والكرات الثانية. أمام تشابي ألونسو الكثير من العمل.
