تشابي الونسو تفوق وطبق ما أراد.

ريال مدريد يخطف الفوز في كلاسيكو مشحون بثنائية مبابي وبيلينغهام

نجح ريال مدريد في تحقيق انتصار درامي بنتيجة 2-1 على غريمه برشلونة في “الكلاسيكو” على أرضه بملعب سانتياغو بيرنابيو. افتتح كيليان مبابي التسجيل في الدقيقة 22 من تمريرة دقيقة من بيلينغهام، وبعدها تعادل برشلونة مؤقتًا عبر فيرمين لوبيز عن طريق خطأ دفاعي من أَردا جولر. لكن قبل نهاية الشوط الأول، عاد بيلينغهام ليقتل الدفعة المعنوية الكتالونية بهدفٍ ثانٍ ليرفع رصيد الملكي ويمنحه بداية قوية في سباق الليغا.

مراقبة بيدري ودي يونغ

في مباراة باريس سان جيرمان، قرّر لويس إنريكي فرض رقابة لصيقة على بيدري ودي يونغ لإجبار برشلونة على الخروج من الضغط عبر الأطراف. ألميدا مع إشبيلية طبّق الفكرة نفسها، فاعتمد على رقابة لصيقة للثنائي كما فعل إنريكي. تشابي ألونسو، وبفضل دراسته الجيدة لمنافسه، قرر أيضاً مراقبة بيدري ودي يونغ بشكل لصيق. هذه المراقبة جعلت الثنائي لا يملكان الوقت ولا المساحة عند استلام الكرة، وغالباً ما كان استلامهما للكرة في وضعيات غير مريحة. كما تم تبادل الرقابة عليهما بين لاعبي ريال مدريد؛ أحياناً كان أردا غولر يراقب دي يونغ أو تشواميني، وأحياناً أخرى جود بيلينغهام يراقب بيدري أو كامافينغا، مع وجود مبابي في الخط الأمامي لإغلاق زوايا التمرير على الثنائي. بتطبيق الضغط اللصيق وتضييق المساحات، نجح تشابي ألونسو في تحقيق هدفه: إجبار برشلونة على الخروج بالكرة من الأطراف. ريال مدريد منذ بداية الموسم يطبّق هذا الأسلوب في الضغط، حيث يجبر خصومه على الاتجاه نحو الأطراف لوضع الأظهرة في مواقف صعبة، ثم يضغط بكثافة عددية مستغلاً خط التماس كمدافع إضافي. ومع هذه الكثافة العددية، ينجح ريال مدريد في استخلاص الكرة في نصف ملعب الخصم، كما حدث أمام برشلونة، أو إجبار الخصم على إرسال كرات طولية والفوز بها عبر الصراعات الهوائية.

مع مراقبة بيدري ودي يونغ، لجأ برشلونة إلى الأطراف كحل للخروج من الضغط. وجود كامافينغا كجناح كان بهدف تثبيت بالدي وعزله عن راشفورد، لجعل راشفورد في أغلب الوقت في مواجهات فردية مع فالفيردي، الذي تمكن من الفوز بمعظمها. وعلى الجهة الأخرى، عمل ريال مدريد على عزل كوندي عن يامال، فبعزل الأظهرة عن الأجنحة، اضطر يامال وراشفورد للتراجع إلى مناطق متأخرة من أجل استلام الكرة. في هذه الحالة، والتي تكررت أكثر من مرة على الجهتين، برشلونة كان يخرج من الأطراف لأن العمق مراقَب ومغلق. ومع تطبيق ريال مدريد للضغط العالي، كان بالدي يلجأ إلى لعب الكرات الطويلة نحو راشفورد، لكن فالفيردي كان أكثر استباقية من راشفورد، ليتمكن ريال مدريد من قطع الكرة في نصف ملعب برشلونة. ريال مدريد هذا الموسم فريق أكثر استباقية من المعتاد، ولأن الهدف هو إجبار الخصم على الخروج من الأطراف، فإن أظهرة الفريق لديهم تعليمات بالاستعداد الدائم للاستباق في حال لعب الكرات الطويلة. هذه الحالة تكررت كثيرًا على مدار الموسم، وظهرت بوضوح أمام برشلونة في أكثر من مناسبة، وتمكن ريال مدريد من التفوق فيها.

حالة أخرى، ريال مدريد يضغط بشكلٍ عالٍ مع الدفاع بنظام “رجل لرجل”، ومراقبة لصيقة لبيدري ودي يونغ، لإجبار برشلونة على الخروج من الطرف أو اللجوء للكرات الطويلة بشكل مباشر. في هذه اللقطة، سيضطر تشيزني إلى لعب كرة طويلة كحل، ولكن ريال مدريد سيتمكن من استعادة الكرة سريعًا. من أفكار تشابي أيضًا أنه كان يدرك أنه مع غياب ليفاندوفسكي ورافينيا، فإن الكرات الطويلة لبرشلونة لن تكون فعّالة مع وجود فيران توريس كمحطة هجومية. كما أن مدافعي ريال مدريد كانوا استباقيين، خصوصًا هاوسن الذي يجيد التوقيت في التقدم للاستباق أو الدفاع عن منطقته. لذلك، كان أهم ما ركّز عليه تشابي هو مراقبة بيدري ودي يونغ لإغلاق العمق أمام برشلونة، ومع هذا الإغلاق، أصبح اللعب يسير وفقًا لما أراده تشابي، أي أن برشلونة يعتمد على الخروج من الأطراف أو اللجوء للكرات الطويلة.

كتل ضغط ريال مدريد

تشابي ألونسو أدار المباراة بشكل جيد أثناء الدفاع بدون الكرة، حيث تنوّع الفريق في تطبيق كتل الضغط، سواء بالضغط العالي عندما أراد، أو بالكتلة المتوسطة عند الحاجة، أو بالكتلة المنخفضة في بعض الفترات. ولأن برشلونة هذا الموسم يواجه مشاكل واضحة في الخروج من الضغط، خاصة مع المراقبة اللصيقة لبيدري ودي يونغ، فقد أصبحت حلول الفريق في كسر ضغط الخصم أكثر صعوبة. حتى عند تطبيق ريال مدريد للكتلة المتوسطة، استمر الفريق في مراقبة بيدري ودي يونغ بشكل لصيق، لمنعهم من الاستلام براحة أو تدوير الكرة بسلاسة. كما فُرضت مراقبة لصيقة على فيرمين أيضًا للحد من خطورته بين الخطوط، والتعامل معه بشكل استباقي عند استلامه للكرة. ريال مدريد طبّق هذه الأفكار الدفاعية بشكل جيد، وحتى إن لم يكن التنفيذ مثالياً في كل الأوقات، إلا أن الفريق أدار كتل الضغط صعودًا وهبوطًا كوحدة واحدة بشكل منسجم ومنظّم، وهو تطور واضح مقارنة بالماضي.

برشلونة يعاني منذ بداية الموسم أمام الكتل المنخفضة، وريال مدريد استغل هذا الأمر بشكل مثالي. الفريق تمكّن من تطبيق الكتلة المنخفضة في التوقيت المناسب وبصورة منظمة وفعالة، حيث أغلق العمق تمامًا وجعل خيارات التمرير بين الخطوط شبه معدومة. هذا الإغلاق المحكم للعمق أجبر برشلونة على تدوير الكرة عرضيًا بين الجهتين في محاولة لإيجاد ثغرة في دفاعات ريال مدريد، لكن كتلة ريال مدريد كانت تتحرك بانضباط وتماسك، مما جعل لعب برشلونة رتيبًا وبطيئًا دون أي حلول حقيقية لاختراق التكتل الدفاعي.

استباقية ريال مدريد مع الدفاع رجل لرجل

كما ذكرنا، ريال مدريد يتميّز هذا الموسم باستباقية واضحة أثناء الدفاع، خصوصًا في نصف ملعب الخصم. وبما أن الفريق يعتمد على نظام الدفاع رجل لرجل، فإن كل لاعب يتتبع خصمه أينما تحرك داخل الملعب. هاوسن وميليتاو يتتبّعان المهاجمين حتى في حال نزولهم إلى مناطق متأخرة، وتشواميني بدوره يهبط مع خصمه لتضييق المساحات. أظهرة ريال مدريد تلتصق بأجنحة الخصم بشكل دائم، وأجنحة الفريق كذلك تراقب أظهرة المنافس أينما ذهبوا. هذا ما حدث على سبيل المثال مع كامافينغا كجناح الذي كان يعود دائمًا للمساندة في الدفاع أمام بالدي، مانعًا إياه من الحصول على الوقت أو المساحة الكافية للتقدم. في بعض الحالات كان يبدو كامافينغا وكأنه ظهير أيمن عندما يدخل راشفورد إلى العمق ويسحب فالفيردي معه، مما يتيح لبالدي الصعود، لكن كامافينغا كان يواصل مراقبته بشكل لصيق. وفي لقطة أخرى، عندما سنحت فرصة لكوندي تعامل معها بشكل سيئ وأهدر التعادل، كان رودريغو هو من تحرك معه داخل منطقة الجزاء. في تلك الحالة نزل هاوسن لمراقبة فيرمين، بينما تحرك لامين يامال إلى العمق لاستلام الكرة كحل للخروج من الضغط، لكن كاريراس كان ملاصقًا له، وتعامل معه باستباقية ليتمكن من قطع الكرة قبل أن تصل إليه.

ريال مدريد تعامل مع المباراة بشكل جيد للغاية، إذ نجح تشابي ألونسو في إدارة اللقاء وفق أفكار متنوعة دفاعياً وهجومياً. اختار أن يترك الاستحواذ لبرشلونة في أغلب فترات المباراة، معتمداً على التحولات السريعة كسلاح رئيسي للوصول إلى مرمى الخصم. الفريق طبّق كتل الضغط المختلفة بذكاء، وتنوّع بينها حسب مجريات اللعب، سواء بالضغط العالي أو المتوسط أو بالكتلة المنخفضة عند الحاجة. هذه المباراة تُعد نقطة تحول مهمة في شخصية فريق ريال مدريد الحالي، إذ أظهر الفريق نضجاً تكتيكياً واضحاً وقدرة على التكيّف مع مجريات اللقاء. كما يمكن اعتبارها نقطة انطلاق جديدة في مشروع تشابي ألونسو، الذي يبدو أنه بدأ يجد التوازن بين الهوية الهجومية والصلابة الدفاعية.